202

Tafsir

تفسير ابن باديس ((في مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)).

Chercheur

علق عليه وخرج آياته وأحاديثه أحمد شمس الدين.

Maison d'édition

دار الكتب العلمية بيروت

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٦هـ - ١٩٩٥م.

Lieu d'édition

لبنان.

Genres

فدل على أن الرغبة والرهبة عليهما وضعت العبادة في جميع الأحوال. ٤ - ومنها الحديث الصحيح: قالت عائشة- ﵂: «كُنْتُ نَائِمَةً إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ- ﵌ فَفَقَدْتُهُ فَلَمَسْتُهُ بِيَدِي فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى قَدَمَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ (١)، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ (٢) أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» (٣). ووجه الدليل: أنه في الحال التي هو فيها أقرب ما يكون من ربه، وهي حالة سجوده، استعاذ برضى الله من سخطه، [[وبعافيته]] من عقوبته. ثم لما لم يستطع الاحاطة بأفعاله، رد الأمر لذاته، فاستعاذ به منه. وهو في الجميع مستعيذ، والمستعيذ طالب، والطالب راج وطامع في نيل المطلوب. فلم يفارق عبادته الرجاء والطمع حتى في هذه الحالة التي بينه وبين ربه، لأنه كان ساجدًا في جنح الليل، دون حضور أحد من الناس، إلاّ عائشة التي كانت نائمة واستيقظت، فاطلعت عليه في تلك الحال. ٥ - ومنها الحديث الصحيح عن ابن عباس- ﵁ الذي كان يعلمهم رسول الله- ﵌ إياه كان يعلمهم السورة من القرآن رواه مالك وفيه: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ» (٤). ووجه الدليل منه: أنه علمهم هذه الاستعاذة الصريحة في الخوف والرجاء كسائر ما علمهم من الدعوات المبنية عليهما. وهكذا تجد جميع دعواته المأثورة على الرغبة، والرهبة، والرجاء والخوف. ولا تجد دعاء واحدًا علمهم فيه أن يتوجهوا إلى الله تعالى، دون رغبة ولا رهبة، ولا رجاء ولا خوف.

(١) «أعوذ برضاك من سخطك»: قال النووي في شرح صحيح مسلم: « قَالَ الْإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى فِي هَذَا مَعْنَى لَطِيف؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ اِسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَسَأَلَهُ أَنْ يُجِيرهُ بِرِضَاهُ مِنْ سَخَطه، وَبِمُعَافَاتِهِ مِنْ عُقُوبَته، وَالرِّضَاء وَالسَّخَط ضِدَّانِ مُتَقَابِلَانِ. وَكَذَلِكَ الْمُعَافَاة وَالْعُقُوبَة فَلَمَّا صَارَ إِلَى ذِكْر مَا لَا ضِدّ لَهُ وَهُوَ اللَّه ﷾ اِسْتَعَاذَ بِهِ مِنْهُ لَا غَيْر، وَمَعْنَاهُ الِاسْتِغْفَار مِنْ التَّقْصِير فِي بُلُوغ الْوَاجِب مِنْ حَقِّ عِبَادَته وَالثَّنَاء عَلَيْهِ». (٢) لا أحصي ثناء عليك: أي لا أطيقه ولا آتي عليه، وقيل: لا أحيط به. (٣) أخرجه مسلم في الصلاة حديث ٢٢٢. وأبو داود في الصلاة باب ١٤٨. والنسائي في الطهارة باب ١١٩، والتطبيق باب ٤٧ و٦٦ و٧١ و٧٢، وعشرة النساء باب ٤. وابن ماجة في الإقامة باب ١١٩. وأحمد في المسند (٦/ ٥٨، ١٤٧، ٢٠١، ٢٣٨). (٤) الحديث في الموطأ (كتاب القرآن، باب ما جاء في الدعاء، حديث رقم ٣٣). وأخرجه أيضًا مسلم في المساجد ومواضع الصلاة حديث رقم ١٣٤.

1 / 207