Tafsir de Yahya Ibn Salam
تفسير يحيى بن سلام
Chercheur
الدكتورة هند شلبي
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، أَتَتْهُ مَلائِكَةٌ بِسَرَابِيلَ مِنْ قَطِرَانٍ، وَمُقَطَّعَاتٍ مِنْ نَارٍ، فَجَلَسُوا مِنْهُ بِالْمَكَانِ الَّذِي يَرَاهُمْ مِنْهُ وَيُنْتَزَعُ رُوحُهُ كَمَا يُنْتَزَعُ السَّفُّودُ الْكَثِيرُ شُعَبُهُ مِنَ الصُّوفِ الْمُبْتَلِّ، مِنْ عُرُوقِهِ وَقَلْبِهِ، فَإِذَا خَرَجَ رُوحُهُ لَعَنَهُ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ دُونَهُ كُلُّ بَابٍ يَكْرَهُ أَنْ يَصْعَدَ رُوحُهُ مِنْهُ.
فَيَنْتَهِي الْمَلَكُ إِلَى رَبِّهِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا رُوحُ فُلانٍ عِنْدَكَ، لا تَقْبَلُهُ أَرْضٌ وَلا سَمَاءٌ، فَيَلْعَنُهُ اللَّهُ وَمَلائِكَتُهُ وَيَقُولُ: ارْجِعُوا بِعَبْدِي فَأَرُوهُ مَاذَا أَعْدَدْتُ لَهُ مِنَ الْهَوَانِ، فَإِنِّي عَهِدْتُ إِلَى عِبَادِي أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُكُمْ وَفِيهَا أُعِيدُكُمْ.
فَيَرُدُّ إِلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يُوضَعَ فِي قَبْرِهِ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ حِينَ يَنْصَرِفُونَ عَنْهُ فَيُقَالُ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ وَمَنْ رَبُّكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي وَالإِسْلامُ دِينِي، وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي.
فَيُنْتَهَرُ انْتِهَارًا شَدِيدًا.
ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: مَا دِينُكَ؟ وَمَنْ رَبُّكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: لا دَرَيْتَ.
وَيَأْتِيهِ عَمَلُهُ فِي صُورَةٍ قَبِيحَةٍ وَرِيحٍ مُنْتِنَةٍ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِعَذَابٍ مُقِيمٍ.
فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَبَشَّرَكَ اللَّهُ بِشَرٍّ، فَمِثْلُ وَجْهِكَ بُشِّرَ بِالشَّرِّ، وَمَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا كَانَ مَنْزِلُكَ لَوْ أَطَعْتَ اللَّهَ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ مَنْزِلُهُ مِنَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْهَوَانِ، وَيُقَيَّضُ لَهُ أَصَمَّ أَعْمَى بِيَدِهِ مِرْزَبَّةٌ لَوْ تُوضَعُ عَلَى جَبَلٍ لَصَارَ رُفَاتًا، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً فَيَصِيرُ رُفَاتًا، ثُمَّ يُعَادُ فَيَضْرِبُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ
ضَرْبَةً يَضِجُّ مِنْهَا ضَجَّةً يَسْمَعُهَا مَنْ عَلَى الأَرْضِ إِلَى الثَّقَلَيْنِ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: أَنِ افْرِشُوهُ لَوْحَيْنِ مِنْ نَارٍ، فَيُفْرَشُ لَوْحَيْنِ مِنْ نَارٍ وَيَضِيقُ عَلَيْهِ قَبْرُهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاعُهُ ".
قَوْلُهُ: ﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: ١٢٤] يَعْنِي عَنْ حُجَّتِهِ كَقَوْلِهِ:
1 / 289