310

Tafsir

تفسير اطفيش

Genres

. . الخ ، وحال نمروذ إذا ادع الربوبية دعوى أنه يقدر على فعل كل جنس يفعله الله فنقضه إبراهيم عليه السلام بقوله : فإن الله { يأتى بالشمس من المشرق } أل للحقيقة أى من مطالعها { فأت } أمر تعجيز له { بها من المغرب } ولو مرة واحدة ، أو من مغاربها فى أيام السنة فتغرب فى مطالعها ، { فبهت } حعل باهتا ، أى متحيرا ذاهل العقل من حجة إبراهيم عليه السلام ، أو عاجزا عن الحجة فيما يدعيه ، أو عن الحق الذى يجب أن يقوله ويهدى قومه إليه ، وهو على معنى البناء للمفعول أو معناه تحير فهو من أفعال يذكرون أنها مبنية للمفعول ومعناها البناء للفاعل ، فيقال فى مرفوعها فاعل كزكم وجن وعنى وأولع وزهى ، وقد أبقيتها على معنى البناء للمفعول فى بعض الكتب { الذى كفر } نمروذ المحاج ، وذلك بعد كسر إبراهيم عليه السلام الأصنام وحبسه على كسرها ، وقيل الإلقاء فى النار لا بعده كما زعم بعض ، ولما أعجزه بالحجة تجبر بالإلقاء فيها كفرعون لما أعجزه موسى عليه السلام تجبر بالقتال { والله لا يهدى القوم الظلمين } لأنفسهم وغيرهم بامتناعهم عن النظر الصحيح ، نمروذ وغيره ، لا يهديهم إلى طريق الجنة يوم القيامة ، أو لا يوفقهم بعد أن يبين لهم الحجج الموصلة إلى مناهج الحق ، والنجاة من النار ، والفوز بالجنة ، والصحيح أنه لا يجوز للمحقق أن يترك حجة مخاصمة بلا إبطال ، لئلا يتوهم المجادل المعاند أنه على الحق فيها ، أو يتوهم السامع ذلك ، وإنما فعل إبراهيم ذلك ، لأن نمروذ والحاضرين عالمون يبطلان إحياء نمروذ وقتله لمن يشاء ، وعالمون بأن ترك أحد بلا قتل ليس إحياء إلا مجازا ، أو عالمون بأن الكلام فى إحياء من مات ، وإماتة حى ، وقيل : يجوز تركها بلا إبطال لها بحجة إذا انتقل إلى أقوى ، ولا يخفى على نمروذ والحاضرين أن العجز على الإيتاء بالشمس من المغرب فتطلع منه إلى المشرق أقوى إبطالا .

Page 310