259

Tafsir

تفسير اطفيش

Genres

ولا تنكحوا المشركات : كذا قيل .

والصحيح عندهم أن قصته هذه نزل فيها : { الزانى لا ينكح إلا زانية } كما أخرجه أبو داود والترمذى والنسائى من حديث ابن عمر ، ولا مانع من نزول الآيتين فى القصة .

ونزله قوله تعالى : ولأمة مؤمنة . الخ فى تزوج حذيفة بن اليمانى ، أو عبدالله ابن رواحة أمة بعد عتقها وعاب عليه بعض المؤمنين ، كانت لحذيفة وليدة اسمها خنساء ، فقال : يا خنساء ، ذكرت فى الملأ الأعلى على سوادك ودمامتك ، ثم أعتقها وتزوجها .

وروى أنه غضب عبدالله بن رواحة على أمة سوداء ، فلطمها ، فأتى النبى A فأخبره ، فقال : وما هى يا عبدالله؟ قال : تشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وتصوم رمضان ، وتحسن الوضوء ، وتصلى ، فقال : هذه مؤمنة .

قال عبدالله : فوالذى بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها ، ففعل ، فطعن عليه ناس من المسلمين ، وقالوا : تنكح أمة؟ وعرضوا عليه حرة مشركة ، فنزل قوله تعالى : « ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم » قال A : « لا تنكحوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ، ولا تنكحوهن على أموالهن فعسى أموالهن أن تطفيهن ، وانكحوهن على الدين ، فلأمة سوداء خرماء ذات دين أفضل » .

وقال رسول الله A : « تنكح المرأة لأربع ، لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك » .

وقال الإمامية من الروافض وبعض من الزيدية ، إن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى : { والمحصنات من الذين أوتو الكتاب حل لكم } والصحيح أنه تخصيص من هذه الآية العامة ، بل وقع كثيرا فى القرآن التعبير بلفظ الشرك فى مقابلة أهل الكتاب مع أنهم مشركون أيضا { ولا تنكحا المشركين } لا تصيروهم ولو أهل كتاب أزواجا للمؤمنات { حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن } فكيف الحر المؤمن ، وهذا أولى من أن يقال أراد عبدالله حرا أو مملوكا كما مر ، والتنكير هنا وفى قوله ، ولأمة . . . الخ للعموم فى الإثبات ، كذا قيل ، قلت : لا إلا أن يراد العموم البدلى ، والتفضيل هنا على حد ما مر فى قوله تعالى ولأمة مؤمنة . . . الخ ، ولا يصح ما قيل فيهما أعظم في خيريتهما من المشرك والمشرك فى شريتهما { خير من مشرك } حر ولو كتابيا { ولو أعجبكم } لمرتبته فى المال والعز والنسب ونحو ذلك ، وعلل ذلك بقوله { أولئك } إشارة إلى المشركات والمشركين ، لأن المراد بمشرك ومشركة العموم ، إما شموليا ، وإما بدليا ، والبدلى يجوز معه صيغ الجموع ، لأن ما صدقه العموم ، ولا تغليب فى أولئك ، لأنه وضع للذكور ، وللإناث ، ولهما معا { يدعون } الواو تغليل للذكور { إلى النار } إلى الشرك وما دونه مما يوجب النار أو يدعون إليها بدعائهم إلى ذلك فلا تتزوجوا نساءهم ، ولا تزوجوهم نساءكم ، لأنهم أهل لأن تقصوهم لا أن تنفعوهم ولئلا تكسبوا منهم سوءا { والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة } أى أولياءه من النبى A والمؤمنين والمؤمنات يدعون إلى الجنة والمغفرة بالدعاء إلى موجبهما ، أو يدعو إلى موجبهما ، وقدرنا أولياءه لتتم المقابلة ، لقوله تعالى ، أولئك ، مخلوق لمخلوق ولو لم يقدر لجاز ، وفى ذكر لفظ الجلالة نيابة عن ذكرهم إعظام لهم إذ جعل دعوتهم دعوة لله ، كما جعل محاربتهم محاربة لله ، فى قوله تعالى : يحاربون الله ، ويدل لمراعاتهم قوله { بإذند } إذ لا معنى لقولك ، الله يدعو بإذن الله ، وأيضا مراعاتهم أنسب بقوله أولئك يدعون إلى النار ، ويصح ، الله يدعو بإذن الله ، بمعنى بقضائه وإرادته وتوفيقه ، وقدم الجنة لمقابلة النار قبلها ابتداء ، ولأنها نفس المراد الذى يتنافس فيه ، ولو كان تحلية ، والمغفرة تخلية مقدمة بالزمان ، وقدمت على الجنسة فى قوله ، سارعوا .

Page 259