Tafsir de Sadr Din Shirazi
تفسير صدر المتألهين
Genres
فلنرجع متممين لما وقع الشروع فيه مستعينين بالله وهدايته.
تأييد استبصاري
ومما يؤيد ما أصلناه، ويؤكد ما قررناه من الحركة الجوهرية، والسلوك الباطني المستمر للانسان وغيره من الأكوان، قول الشيخ الإلهي والعارف الرباني في الفتوحات المكية في باب تقلب باطن الإنسان:
إن الحق لم يزل في الدنيا متجليا للقلوب دائما، فتتنوع الخواطر فيها لتجليه، وإن تنوع الخواطر في الإنسان عين التجلي الإلهي من حيث لا يشعر بذلك إلا أهل الله، كما انهم يعلمون ان الصور الظاهرة في الدنيا والآخرة في جميع الموجودات كلها ليس غير تنوع التجلي، فهو الظاهر، إذ هو عين كل شيء، وفي الآخرة يكون باطن الإنسان ثابتا، فإنه عين ظاهر صورته في الدنيا، والتبدل فيه حقي وهو خلقه الجديد في كل زمان، الذي هو في لبس منه، وفي الآخرة يكون ظاهره مثل باطنه في الدنيا، ويكون التجلي الإلهي له دائما بالفعل، فيتنوع ظاهره في الآخرة كما يتنوع باطنه في الدنيا في الصور التي يكون فيها التجلي الإلهي ينصبغ بها انصباغا، فذلك هو التضاهي الإلهي الخيالي، غير أنه في الآخرة ظاهر وفي الدنيا باطن، فحكم الخيال مستصحب للانسان في الآخرة وللحق.
وذلك هو المعبر بالشأن الذي هو فيه الحق من قوله:
كل يوم هو في شأن
[الرحمن:29].
ثم قال أيضا: فكل ظاهر في العالم صورة ممثلة كتابية مضاهية لصورة إلهية، لأنه تعالى لا يتجلى للعالم الا بما يناسب العالم في عين جوهر ثابت، كما أن الإنسان من حيث أصل جوهره ثابت أيضا، فترى الثابت بالثابت منك وهو الغيب منك ومنه، وترى الظاهر بالظاهر وهو الشاهد والمشهود والشهادة منك ومنه، وكذا تدركه، وكذا تدرك ذاتك، غير أنك معروف في كل صورة، أنك انت لا غيرك، كما انك تعلم أن زيدا في تنوعه في كيفياته من خجل ووجل ومرض وعافية ورضى وغضب، وكل ما يتقلب فيه من الاحوال، أنه زيد لا غير، وكذلك الامر في كل احد.
فصل
[في تحقيق الصراط واستقامته]
Page inconnue