Tafsir de Sadr Din Shirazi

Sadr ad-Din Shirazi d. 1050 AH
53

Tafsir de Sadr Din Shirazi

تفسير صدر المتألهين

Genres

وقال أيضا (صلى الله عليه وآله): الإنسان أعجب موجود خلق.

وكما أن هذه الخصائص والكرامات؛ من كونه مخلوقا على صورة الرحمن، منفوخا فيه من روحه تعالى، مكرما بكرامة تعليم الأسماء، محمولا في بر الأجساد وبحر الأرواح، مخمرا طينته العقلية والنفسية باليدين مخصوصا بخلافة الله تعالى في العالمين الكبير والصغير مسجودا لملائكة الله في النشأتين الجسمانية والروحانية، إنما هي للانسان المعنوي الحقيقي، لا لهذه الأشباه والأمثال من الأعداد الصورية، فكذلك الوصول إليه بالعروج الروحي والسفر المعنوي على صراط الله المستقيم، يختص به دون غيره، وإلا فكل ماش من الحيوان وغيره مار على صراطه الذي يخصه، متوجها شطر الحق.

وكما ان لكل جسم مكانا مخصوصا، وفيه معنى طبيعيا يحركه الى حيزه ويجره إلى مطلوبه ولا يقف به دونه، فكذلك كل نفس خرجت من معدن مخصوص من معادن الأرواح، ففيها معنى يحركها إلى معدنه الأصلي، ولا يقف بها دونه، واختلاف أحوال هذه النفوس البشرية من اختلاف مباديها المعبر عنها بالمعادن في قوله (صلى الله عليه وآله): الناس معادن كمعادن الذهب والفضة.

وإلى هذا المعنى وقعت الإشارة في هذا الكتاب المجيد بقوله تعالى

قد علم كل أناس مشربهم

[البقرة:60].

وحركات الجوارح آثار تلك المعاني التي أودعتها القدرة الأزلية في النفوس الآدمية، إتماما للحكمة، وتوسيعا للرحمة في سائر الأمة، واهتماما بهذا المعنى المجذوب المحبوب؛ فالنفوس التي لا يكون بينها وبين الحق واسطة، تنجذب إلى جنابه طبعا كانجذاب إبرة من حديد إلى مغناطيس لا تتناهى قوته، وهذه النفوس هي العرفاء بالله حقا، وقوله:

يحبهم ويحبونه

[المائدة:54]، كناية عن أهل الله العارفين به.

وإنما عرفه هؤلاء معرفة حقيقية وايمانا كشفيا وإحسانا، لأنهم الذين وقع لهم التجلي في الأزل بالذات ولغيرهم بالعرض، فاستغرقوا بكليتهم في معرفته عند قوله:

Page inconnue