223

Tafsir de Sadr Din Shirazi

تفسير صدر المتألهين

Genres

[الأحقاف:30]، إذ الجن لم يسمعوا جميع القرآن، ولم يكن الكتاب منزلا حينئذ كله.

والمراد بما { أنزل من قبلك }: سائر الكتب السماوية السابقة، والايمان بها جميعا على الجملة فرض عين، لعدم تحقق الفلاح بدونه كما يستفاد من قوله:

وأولئك هم المفلحون

[البقرة:5].

وأما الإيمان التفصيلي بالمعارف الإلهية المذكورة فيها، التي لا تتبدل بتعاقب الزمان من علم التوحيد وعلم الملائكة وعلم المعاد وعلم النفس وعلم النبوة والولاية والآيات وغيرها، فليس بواجب على كل أحد فرض عين، وإلا للزم الحرج وبطل النظام وتشوش أمر المعاش المتوقف عليه أمر المعاد. بل هو واجب على الكفاية، وعلى من هو ميسر له وخلق لأجله، وكذا العلم والإيمان بأحكام الأول دون الثاني تفصيلا من جهة كوننا متعبدين بتفاصيل أحكامه فرض على الكفاية لا غير لما ذكرنا.

فصل

في كيفية إنزال الوحي على الأنبياء (عليهم السلام)

كما يجب علينا الإيمان بالكتب الإلهية المنزلة على الأنبياء (عليهم السلام)، فكذلك يجب على المؤمن ايمانا حقيقيا بما أنزل إليهم من حيث كونه منزلا إليهم، أن يعلم كيفية الإنزال والإيحاء، وكيفية إرسال الأنبياء (عليهم السلام)، وفي ذمة العالم بتأويل القرآن، أن يحاول هذا العلم ويتعاطاه، فمن الدائر على ألسنة جماعة من المفسرين وغيرهم من المتكلمين، ان المراد من إنزال الوحي ان جبرائيل (عليه السلام) سمع في السماء كلام الله تعالى، فنزل به على الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهذا كما يقال: نزلت رسالة الأمير من القصر. والرسالة لا تنزل، ولكن المستمع سمع الرسالة في علو فينزل بها ويؤديها في سفل. وقول الأمير لا يفارق ذاته، ولكن السامع يسمعه ويؤدي بلفظ نفسه.

وربما استشكل بعضهم هذا - أي سماع جبرائيل كلام الله - سيما القائل بأن كلامه ليس من جنس الأصوات والحروف، فأجابوا عنه:

أما المعتزلة: فبأنه يخلق الله أصواتا وحروفا على لسان جبرائيل. وهذا معنى الكلام عندهم.

Page inconnue