[الإسراء: 29] وقيل: إنما قال ذلك فنحاص اليهودي ولم ينهه الآخرون ورضوا به فأشركهم الله تعالى فيها، قال جار الله: فإن قلت: كيف جاز أن يدعو الله عليهم بما هو قبيح وهو البخل والنكد؟ قلت: المراد به الدعاء بالخذلان الذي تقسو به قلوبهم { غلت أيديهم } أي أمسكت أيديهم عن الخيرات { ولعنوا بما قالوا } أي وعذبوا بما قالوا { بل يداه مبسوطتان } قيل: قوته، وقيل: قدرته كقوله أولي الأيدي والأبصار، وقيل: هو ملكه، وقيل: أراد نعمتاه مبسوطتان نعمته في الدنيا، ونعمته في الآخرة { ينفق كيف يشاء } تأكيدا للوصف بالسخاء ودلالة على أنه لا ينفق إلا على مقتضى الحكمة والمصلحة { وليزيدن } أي يزدادون عند نزول القرآن لحسدهم { وألقينا بينهم العداوة والبغضاء } يعني اليهود والنصارى، قوله تعالى: { كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله } كلما أرادوا محاربة أحد غلبوا وقهروا ولم يقم لهم نصر من الله تعالى على أحد قط، وقيل: خالفوا حكم التوراة فبعث الله عليهم بخت نصر، وروي عن قتادة لا تلقى اليهود في بلد إلا وجدتهم من أذل الناس { ويسعون في الأرض فسادا } يعني ويجتهدون في الكيد للاسلام ومحوا ذكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتبهم.
[5.65-68]
قوله تعالى: { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا } برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما جاء به وقرنوا ايمانهم بالتقوى التي هي الشريطة في الفوز بالإيمان { لكفرنا عنهم سيئاتهم } ولم نؤاخذهم { ولأدخلناهم جنات النعيم } { ولو أنهم أقاموا التوراة والانجيل } الآية، أقاموا أحكامها وحددوهما وما فيهما من بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، { وما أنزل اليهم } من سائر الكتب من الله تعالى لأنهم مكلفون بالايمان بجميعها فكأنها أنزلت إليهم، وقيل: هو القرآن { لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم } أي تفيض عليهم بركات من السماء وبركات من الأرض، وان تكثروا الأشجار والثمرة والزروع المغلة، وأن يرزقهم الجنات، ويلتقطون ما تساقط على الأرض من تحت أرجلهم { منهم أمة مقتصدة } مستقيمة على طريقة مؤمنة بعيسى وبمحمد (عليهم السلام) كعبد الله بن سلام وأصحابه من اليهود، وقيل: المقتصدة العادلة { وكثير منهم ساء ما يعملون } قيل: هو كعب بن الأشرف وأصحابه والروم { يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك } قال جار الله: جميع ما أنزل الله اليك، وقيل: نزلت في عبد اليهود قال في الثعلبي: يعني بلغ في فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام) ولما نزلت الآية أخذ بيد علي (عليه السلام) وقال:
" من كنت مولاه فعلي مولاه "
وروي في الحاكم أنها نزلت في علي (عليه السلام)، قال في الثعلبي:
" لما نزلت أخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " ألست أولى بكل مؤمن من نفسه؟ " قالوا: بلى، قال : " هذا مولى من أنا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " قال: فاستقبله عمر بن الخطاب فقال: هنيئا لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة "
، قوله تعالى: { والله يعصمك من الناس } أي يضمن العصمة من أعدائك يعني يمنعك من أعدائك أن ينالوك بسوء، فإن قيل: فما وجه هذه الآية وقد شج جبينه وكسرت رباعيته وأوذي عن عدة مواطن؟ فالجواب: أن معناها: { والله يعصمك من الناس }: من القتل ولا يصلون إلى قتلك، وقيل: نزلت هذه الآية بعدما شج جبينه وكسرت رباعيته، وقيل: نزلت في صلة الرحم، وقيل: بلغ سائر الأحكام وما يوحي إليك { والله يعصمك من الناس } يعني يمنعك لأن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا { إن الله لا يهدي القوم الكافرين } يعني لا يمكنهم مما يريدون إنزاله بك من الهلاك، وعن أنس قال:
" كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحرس حين نزلت هذه الآية فقال: " انصرفوا أيها الناس قد عصمني الله من الناس "
{ قل يا أهل الكتاب لستم على شيء } من الدين ما لم تقرؤا بالكتاب وبالقرآن { وما أنزل إليكم } من صفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
[5.69-75]
Page inconnue