273

عليك أيها المحمدي المأمور بتهذيب الأخلاق من الرذائل، والأوصاف من الذمائم، والأوصاف والأفعال من القبائح، والأقوال من الكواذب، والأطوار من المخالفة المنافية لصرافة التوحيد أن تستقيم بعزائمك هذه على الوجه المأمور لنبيك الذي هو قبلة لجميع مقاصدك بقوله تعالى: { فاستقم كمآ أمرت } [هود: 112] أي: فاعتدل بجميع ما صدر عنك، فلك أن تقتفي أثره صلى الله عليه وسلم في جميع حالاتك من امتثال الأوامر واجتناب النواهي وتهذيب الأخلاق؛ إذ هو صلى الله عليه وسلم زبدة أرباب التوحيد الواصلين بمقعد الصدق ومنزل التفريد، والسابقون واللاحقون كلهم يقتبسون من مشكاة أنواره صلى الله عليه وسلم.

فعليك أيها المستعد المستشرد من الكلام المجيد أن تضبط جميع أحوالك على الاستقامة والاعتدال، وتجتنب عن كلا طرفي الإفراط والتفريط، وتستعيذ بالله عن مداخلة الرياء والسمعة المنافقيين للإخلاص.

واعلم أن خير فرينك في طريقك هذا الرضا والتسليم والتفويض إلى العزيز العليم، ولك العزلة عن الخلطة والانخراط في سلك أهل الثروة والغفلة، والقناعة بالكفاف والعزوبة بالعفاف.

وعليك ألا تفرق خاطرك وهمك في أمور دنياك ولو لحظة حتى لا تورثك هما كثيرا وحزنا طويلا؛ ذ المسافر في منزله لا يتصرف إلا مقدار مقيله، أما تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: " كن في الدنيا كأنك غريب "؟.

أو: " اشدد حيازيمك للموت والرحيل كأنك عابر سبيل ".

وبالجملة: لا تغتر بحياتك في دار الغرور، وعد نفسك من أصحاب القبور، فإنه دأب أهل السرور، ديدنة أرباب الحضور.

[12 - سورة يوسف]

[12.1-6]

{ الر } أيها الإنسان الكامل اللائق، الرشيد لرفع لواء سرائر الربوبية ورموز التوحيد، وتمييز أجل لباب الرؤيا والروايات الواردة لتبيينه عن قشورها { تلك } العبر والأمثال والقصص والآثار المذكورة لك فيمايتلى عليك يا أكمل الرسل لتأييدك وارتفاع شأنك { آيات الكتاب المبين } [يوسف: 1] الذي هو حضرة علمنا المشتمل على جميع مراداتنا ومقدوراتنا.

{ إنآ } من مقام جودنا ولطفنا { أنزلناه قرآنا } منظما على صور الألفاظ والعبارات، مترجما عما عليه الأمر في حضرة علمنا الحضوري { عربيا } أسلوبه عاناية منا إليكم { لعلكم تعقلون } [يوسف: 2] معناها وتطلعون على مرموزاتها وإشاراتها وتطرحون عقولكم الموهوبة لكم لكشف سرائرها وخفياتها.

Page inconnue