Tafsir al-Baghawi
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Chercheur
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Maison d'édition
دار طيبة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الرابعة
Année de publication
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
الْبَحْرِ، وَهَمَّ أَوَّلُهُمْ بِالْخُرُوجِ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَحْرَ أَنْ يَأْخُذَهُمْ فَالْتَطَمَ عَلَيْهِمْ وَغَرَّقَهُمْ أَجْمَعِينَ، وَكَانَ بَيْنَ طَرَفَيِ الْبَحْرِ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَهُوَ بَحْرُ قُلْزُمَ، طَرَفٌ مِنْ بَحْرِ فَارِسَ، قَالَ قَتَادَةُ: بَحْرٌ مِنْ وَرَاءِ مِصْرَ يُقَالُ لَهُ إِسَافٌ، وَذَلِكَ بِمَرْأًى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ إِلَى مَصَارِعِهِمْ وَقِيلَ: إِلَى إِهْلَاكِهِمْ.
﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)﴾
﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا﴾ مِنَ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَكُونُ مِنَ الْوَاحِدِ كَقَوْلِهِمْ: عَافَاكَ اللَّهُ، وَعَاقَبْتُ اللِّصَّ، وَطَارَقْتُ النَّعْلَ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كَانَ مِنَ اللَّهِ الْأَمْرُ وَمِنْ مُوسَى الْقَبُولُ. فَلِذَلِكَ ذُكِرَ بِلَفْظِ الْمُوَاعِدَةِ، وَقَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ (وَإِذْ وَعَدْنَا) مِنَ الْوَعْدِ ﴿مُوسَى﴾ اسْمٌ عِبْرِيٌّ عُرِّبَ "وَمُو" بِالْعِبْرَانِيَّةِ الْمَاءُ "وَشَى" الشَّجَرَةُ، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ بَيْنِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ، ثُمَّ قُلِبَتِ الشِّينُ الْمُعْجَمَةُ سِينًا فِي الْعَرَبِيَّةِ ﴿أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ أَيِ انْقِضَاؤُهَا: ثَلَاثِينَ مِنْ ذي القعدة وعشر مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَقَرَنَ التَّارِيخَ بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ لِأَنَّ شُهُورَ الْعَرَبِ وُضِعَتْ عَلَى سَيْرِ الْقَمَرِ، وَالْهِلَالُ إِنَّمَا يُهِلُّ بِاللَّيْلِ وَقِيلَ: لِأَنَّ الظُّلْمَةَ أَقْدَمُ مِنَ الضَّوْءِ، وَخَلْقُ اللَّيْلِ قَبْلَ النَّهَارِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ" (٣٧-يس) وَذَلِكَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِمَا أَمِنُوا مِنْ عَدُوِّهِمْ وَدَخَلُوا مِصْرَ (١) لَمْ يَكُنْ لَهُمْ كِتَابٌ وَلَا شَرِيعَةٌ يَنْتَهُونَ إِلَيْهِمَا، فَوَعَدَ اللَّهُ مُوسَى أَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ فَقَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ: إِنِّي ذَاهِبٌ لِمِيقَاتِ رَبِّكُمْ آتِيكُمْ بِكِتَابٍ فِيهِ بَيَانُ مَا تَأْتُونَ وَمَا تَذْرُوَنَ، وَوَاعَدَهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثَلَاثِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ وَعَشْرًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ أَخَاهُ هَارُونَ فَلَمَّا أَتَى الْوَعْدُ جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ فَرَسُ الْحَيَاةِ لَا يُصِيبُ شَيْئًا إِلَّا حُيِيَ لِيَذْهَبَ بِمُوسَى إِلَى رَبِّهِ، فَلَمَّا رَآهُ السَّامِرِيُّ وَكَانَ رَجُلًا صَائِغًا مِنْ أَهْلِ بَاجَرْمَى وَاسْمُهُ مِيخَا -وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ مِنْ أَهْلِ كَرْمَانَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اسْمُهُ مُوسَى بْنُ مُظَفِّرٍ (٢) وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ قَبِيلَةٍ يُقَالُ لَهَا سَامِرَةُ -وَكَانَ مُنَافِقًا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، وَكَانَ مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الْبَقَرَ، فَلَمَّا رَأَى جِبْرَائِيلَ عَلَى ذَلِكَ الْفَرَسِ وَرَأَى
(١) والوجه أن يقال: ودخلوا الأرض المقدسة. (٢) في ب: ظفر.
1 / 94