Tafsir al-Baghawi
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Chercheur
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Maison d'édition
دار طيبة للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الرابعة
Année de publication
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ، وَقَالَ الْحَسَنُ: الْخَائِفِينَ وَقِيلَ: الْمُطِيعِينَ وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: الْمُتَوَاضِعِينَ، وَأَصْلُ الْخُشُوعِ السُّكُونُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ" (١٠٨-طه) فَالْخَاشِعُ سَاكِنٌ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ﴾ يَسْتَيْقِنُونَ [أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ وَأَنَّهُمْ مُحَاسَبُونَ وَأَنَّهُمْ رَاجِعُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ: يُصَدِّقُونَ بِالْبَعْثِ، وَجَعَلَ رُجُوعَهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَى الْمَحْشَرِ رُجُوعًا إِلَيْهِ] (١) .
وَالظَّنُّ مِنَ الْأَضْدَادِ يَكُونُ شَكًّا وَيَقِينًا وَأَمَلًا كَالرَّجَاءِ يَكُونُ خَوْفًا وَأَمَلًا وَأَمْنًا ﴿أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ مُعَايِنُو ﴿رَبِّهِمْ﴾ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ اللِّقَاءِ الصَّيْرُورَةُ إِلَيْهِ ﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ فَيَجْزِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ.
﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ أَيْ عَالَمِي زَمَانِكُمْ، وَذَلِكَ التَّفْضِيلُ وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ الْآبَاءِ، لَكِنْ يَحْصُلُ بِهِ الشَّرَفُ لِلْأَبْنَاءِ
﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا﴾ وَاخْشَوْا عِقَابَ يَوْمٍ ﴿لَا تَجْزِي نَفْسٌ﴾ لَا تَقْضِي نَفْسٌ ﴿عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ أَيْ حَقًّا لَزِمَهَا وَقِيلَ: لَا تُغْنِي، وَقِيلَ: لَا تَكْفِي شَيْئًا مِنَ الشَّدَائِدِ ﴿وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَيَعْقُوبُ بِالتَّاءِ لِتَأْنِيثِ الشَّفَاعَةِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ لِأَنَّ الشَّفْعَ وَالشَّفَاعَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَالْوَعْظِ وَالْمَوْعِظَةِ، فَالتَّذْكِيرُ عَلَى الْمَعْنَى، وَالتَّأْنِيثُ عَلَى اللَّفْظِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ" (٥٧-يُونُسَ) وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ "فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ" (٢٧٥-الْبَقَرَةِ) أَيْ لَا تُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ إِذَا كَانَتْ كَافِرَةً ﴿وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ﴾ أَيْ فِدَاءٌ وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْمَفْدِيِّ. وَالْعَدْلُ: الْمِثْلُ ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ يُمْنَعُونَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ.
(١) ساقط من ب.
﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠)﴾
﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ﴾ يَعْنِي: أَسْلَافَكُمْ وَأَجْدَادَكُمْ فَاعْتَدَّهَا مِنَّةً عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ نَجَوْا بِنَجَاتِهِمْ ﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ أَتْبَاعِهِ وَأَهْلِ دِينِهِ، وَفِرْعَوْنُ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ الرَّيَّانِ وَكَانَ مِنَ الْقِبْطِ الْعَمَالِيقِ وَعُمِّرَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ يُكَلِّفُونَكُمْ وَيُذِيقُونَكُمْ، ﴿سُوءَ الْعَذَابِ﴾ أَشَدَّ الْعَذَابِ وَأَسْوَأَهُ وَقِيلَ: يَصْرِفُونَكُمْ فِي الْعَذَابِ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا كَالْإِبِلِ السَّائِمَةِ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ فِرْعَوْنَ جَعْلَ بَنِي
1 / 90