Tafsir al-Baghawi
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
Enquêteur
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
Maison d'édition
دار طيبة للنشر والتوزيع
Édition
الرابعة
Année de publication
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
سُورَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ مَعْرُوفَةٌ: فاتحة الكتاب، وَأُمُّ الْقُرْآنِ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي.
سُمِّيَتْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ: لِأَنَّ اللَّهَ بِهَا افْتَتَحَ الْقُرْآنَ. وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ وَأُمَّ الْكِتَابِ: لِأَنَّهَا أَصْلُ الْقُرْآنِ مِنْهَا بُدِئَ الْقُرْآنُ وَأَمُّ الشَّيْءِ: أصله، وَيُقَالُ لِمَكَّةَ: أُمُّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَصْلُ الْبِلَادِ دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا مُقَدِّمَةٌ وَإِمَامٌ لِمَا يَتْلُوهَا مِنَ السُّوَرِ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ وَبِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي لِأَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَسُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي الصَّلَاةِ، فَتُقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَثْنَاهَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فَذَخَرَهَا لَهُمْ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَدَنِيَّةٌ وَقِيلَ: نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَكَّةَ وَمَرَّةً بِالْمَدِينَةِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ مَثَانِيَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَّ عَلَى الرَّسُولِ ﷺ بِقَوْلِهِ "وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي" (٨٧-الْحِجْرِ) وَالْمُرَادُ مِنْهَا فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَسُورَةُ الْحِجْرِ مَكِّيَّةٌ فَلَمْ يَكُنْ يَمُنُّ عَلَيْهِ بِهَا قَبْلَ نُزُولِهَا.
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)﴾
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ بِسْمِ اللَّهِ الْبَاءُ أَدَاةٌ تَخْفِضُ مَا بَعْدَهَا مِثْلَ: مِنْ وَعَنْ، وَالْمُتَعَلِّقُ بِهِ الْبَاءُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، تَقْدِيرُهُ: أَبْدَأُ بِسْمِ اللَّهِ، أَوْ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ. وَأُسْقِطَتِ الْأَلِفُ مِنَ الِاسْمِ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ وَكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا وَطُوِّلَتِ الْبَاءُ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ لِيَكُونَ افْتِتَاحُ كَلَامِ كِتَابِ اللَّهِ بِحَرْفٍ مُعَظَّمٍ، كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵀ يَقُولُ لِكُتَّابِهِ: طَوِّلُوا الْبَاءَ وَأَظْهِرُوا السِّينَ وَفَرِّجُوا بَيْنَهُمَا، وَدَوِّرُوا الْمِيمَ. تَعْظِيمًا
1 / 49