307

Tafsir al-Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Enquêteur

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Maison d'édition

دار طيبة للنشر والتوزيع

Édition

الرابعة

Année de publication

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

أَتَاهُ الرَّجُلُ فِي طَلَبِ الطَّعَامِ سَأَلَهُ مِنْ رَبُّكَ؟ فَإِنْ قَالَ أَنْتَ، بَاعَ مِنْهُ الطَّعَامَ، فَأَتَاهُ إِبْرَاهِيمُ فِيمَنْ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ نُمْرُودُ: مَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ: رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَاشْتَغَلَ بِالْمُحَاجَّةِ وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا فَرَجَعَ إِبْرَاهِيمُ فَمَرَّ عَلَى كَثِيبٍ مِنْ رَمْلٍ أَعْفَرَ فَأَخَذَ مِنْهُ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِ أَهْلِهِ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَتَى أَهْلَهُ وَوَضَعَ مَتَاعَهُ نَامَ، فَقَامَتِ امْرَأَتُهُ إِلَى مَتَاعِهِ فَفَتَحَتْهُ فَإِذَا هُوَ أَجْوَدُ طَعَامٍ مَا رَآهُ أَحَدٌ، فَأَخَذَتْهُ فَصَنَعَتْ لَهُ مِنْهُ فَقَرَّبَتْهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي جِئْتَ بِهِ فَعَرَفَ أَنَّ اللَّهَ رَزَقَهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [وَهَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ غَيْرِ مَذْكُورٍ تَقْدِيرُهُ قَالَ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ (١)] قَرَأَ حَمْزَةُ ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ بِإِسْكَانِ الْيَاءِ وَكَذَلِكَ "حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ" (٣٣-الْأَعْرَافِ) وَ"عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ" (١٤٦-الْأَعْرَافِ) وَ"قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ" (٣١-إِبْرَاهِيمَ) وَ"آتَانِيَ الْكِتَابَ" (٣٠-مَرْيَمَ) وَ"مَسَّنِيَ الضُّرُّ" (٨٣-الْأَنْبِيَاءِ) وَ"عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" (١٠٥-الْأَنْبِيَاءِ) وَ"عِبَادِيَ الشَّكُورُ" (١٣-سَبَأٍ) وَ"مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ" (٤١-ص) وَ"إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ" (٣٨-الزُّمَرِ) وَ"إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ" (٢٨-الْمُلْكِ) أَسْكَنَ الْيَاءَ فِيهِنَّ حَمْزَةُ، وَوَافَقَ ابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ فِي "لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا" وَابْنُ عَامِرٍ "آيَاتِيَ الَّذِينَ" وَفَتَحَهَا الْآخَرُونَ، ﴿قَالَ﴾ نُمْرُودُ ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾
قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ﴿أَنَا﴾ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ وَالْمَدِّ فِي الْوَصْلِ إِذَا تَلَتْهَا أَلِفٌ مَفْتُوحَةٌ أَوْ مَضْمُومَةٌ وَالْبَاقُونَ بِحَذْفِ الْأَلِفِ، وَوَقَفُوا جَمِيعًا بِالْأَلِفِ، قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: دَعَا نُمْرُودُ بِرَجُلَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدَهُمَا وَاسْتَحْيَا الْآخَرَ فَجَعَلَ تَرْكَ الْقَتْلِ إِحْيَاءً لَهُ، فَانْتَقَلَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى حُجَّةٍ أُخْرَى، لَا عَجْزًا، فَإِنَّ حُجَّتَهُ كَانَتْ لَازِمَةً لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِحْيَاءِ إِحْيَاءَ الْمَيِّتِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: فَأَحْيِ مَنْ أَمَتَّ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَانْتَقَلَ إِلَى حُجَّةٍ أُخْرَى أَوْضَحَ مِنَ الْأُولَى.
﴿قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾ أَيْ تَحَيَّرَ

(١) ساقط من (ب) .

1 / 316