137

Tafsir al-Baghawi

معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي

Chercheur

حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش

Maison d'édition

دار طيبة للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الرابعة

Année de publication

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ أَيْ وَمِنْ أَوْلَادِي أَيْضًا فَاجْعَلْ مِنْهُمْ أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ فِي الْخَيْرِ ﴿قَالَ﴾ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَا يَنَالُ﴾ لَا يُصِيبُ ﴿عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ بِإِسْكَانِ الْيَاءِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا أَيْ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ظَالِمًا لَا يُصِيبُهُ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: عَهْدِي رَحْمَتِي وَقَالَ السُّدِّيُّ: نُبُوَّتِي وَقِيلَ: الْإِمَامَةُ قَالَ مُجَاهِدٌ: لَيْسَ لِظَالِمٍ أَنْ يُطَاعَ فِي ظُلْمِهِ. وَمَعْنَى الْآيَةِ لَا يَنَالُ مَا عَهِدْتُ إِلَيْكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْإِمَامَةِ مَنْ كَانَ ظَالِمًا مِنْ وَلَدِكَ وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْعَهْدِ الْأَمَانَ مِنَ النَّارِ وَبِالظَّالِمِ الْمُشْرِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ" (٨٢-الْأَنْعَامِ) . ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)﴾ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ﴾ يَعْنِي الْكَعْبَةَ ﴿مَثَابَةً لِلنَّاسِ﴾ مَرْجِعًا لَهُمْ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَأْتُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَيَحُجُّونَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: مَعَاذًا وَمَلْجَأً وَقَالَ قَتَادَةُ وَعِكْرِمَةُ: مَجْمَعًا ﴿وَأَمْنًا﴾ أَيْ مَأْمَنًا يَأْمَنُونَ فِيهِ مِنْ إِيذَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّهُمْ مَا كَانُوا يَتَعَرَّضُونَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَيَقُولُونَ: هُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَيَتَعَرَّضُونَ لِمَنْ حَوْلَهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ" (٦٧-الْعَنْكَبُوتِ) . أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ طاووس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ وَلَا يَنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلَّا مَنْ عَرَّفَهَا، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ" فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لَقَيْنِهِمْ وَلِبُيُوتِهِمْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إِلَّا الْإِذْخِرَ" (١) . قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاتَّخِذُوا﴾ قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ عَلَى الْخَبَرِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِكَسْرِ الْخَاءِ عَلَى الْأَمْرِ ﴿مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ قَالَ ابْنُ يَمَانٍ (٢) الْمَسْجِدُ كُلُّهُ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: الْحَرَمُ كُلُّهُ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعَ مُشَاهِدِ الْحَجِّ، مِثْلَ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَسَائِرِ الْمَشَاهِدِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي إِلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، وَذَلِكَ الْحَجَرُ الَّذِي قَامَ

(١) أخرجه البخاري: في الجنائز - باب: الإذخر والحشيش: ٣ / ٢١٣. ومسلم: في الحج - باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها برقم: (٣٥٣، ٣٥٤، ٣٥٥) ٢ / ٩٨٦. والمصنف في شرح السنة: ٧ / ٢٤٩. (٢) وفي ب (يمان) .

1 / 146