L'Exégèse de l'Imam Raghib Isbahani
تفسير الراغب الأصفهاني
Chercheur
د. هند بنت محمد بن زاهد سردار
Maison d'édition
كلية الدعوة وأصول الدين
Lieu d'édition
جامعة أم القرى
الأدعية.
فإذا ثبت هذه الجملة.
فالاستعانة بالله: طلب الأمرين.
فبحصول الضروريات من المعاون يتوصل إلى اكتساب الثواب، وبحصول غير الضروريات منها يتسهل علينا السلوك إليها.
إن قيل: كيف قال: " إياك " نعبد ولو قال: " نعبدك " كان أوجز منه لفظًا؟ قيل: إن عادتهم أن يقدموا من الفاعل والمفعول ما القصد الأول إليه، والاهتمام متوجه نحوه، وإن كان في ذكر الجملة القصدان جميعًا.
تقول: بالأمير استخف الجند - إذا كان القصد الأول ذكر من وقع به استخفاف الجند - و" الأمير أستخف بالجند - إذا كان القصد الأول إلى من أقدم على الاستخفاف بهم.
ولما كان القصد الأول - في هذا الموضع - ذكر المعبود دون الإخبار عن إتخاذ عبادتهم، كان تقديم ذكره أولى.
وعلى هذا قوله تعالى:
﴿أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ﴾ وأيضًا، ففي ذكر المفعول إشارة إلى إثبات الحكم المذكور ونفيه عن غيره تقول: إليك أفزع تنبيهًا أني لا أفزع إلا إليك.
وإذا قال: أفزع إليك، فليس فيه المعنى وعلى هذا فسر ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما فقال: معناه: لا نوجد غيرك وقال بعضهم: إنما نبه تعالى بتقديم ذكر أن تكون نظر العباد من المعبود إلى عبادتهم له لا من العبادة إلى المعبود، وعلى ذلك فضل ما حكي الله عن نبينا ﵇ إذ قال: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ فنظر من الله تعالى إلى نفسه على ما حكى عن موسى ﵇ حين قال: ﴿إِنَّ مَعِيَ رَبِّي﴾ فقدم ذكر نفسه، ونظر منها إلى ربه
إن قيل: لم كرر إياك؟.
قيل لأنه لو قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، لكان يصح أن يعتقد أن الاستعانة بغيره، وكان إعادته أبلغ.
إن قيل: لم قدم العبادة على الاستعانة، وحق الاستعانة أن تكون مقدمة، إذ لا سبيل إلى عبادته إلا بمعونته؟ قيل: قد قالوا: هو على التقديم والتأخير.
وقيل: الواو لا تقتضي الترتيب.
والوجه - في ذلك - أن الله تعالى علم خلقه بذلك أن يقدموا حقه ثم يسألوه ليمونوا مستحقين للإجابة.
ويجوز أن يكون قوله: ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾: في موضع الحال، نحو قول الشاعر:
بَأَيْدِيّ رِجَالٍ لَمْ يشُيِمُوا سُيُوفَهُمْ ...
ولم يكْثُر الْقَتْلَى بِهَا حِينَ سُلَّتِ.
1 / 59