[46]
قوله تعالى : { ويكلم الناس في المهد } ؛ أي في مضجع الرضاع. قال مجاهد : (قالت مريم : كنت إذا خلوت أنا وعيسى حدثته وحدثني ، فإذا شغلني إنسان ؛ يسبح في بطني وأنا أسمع(.
قوله تعالى : { وكهلا } ؛ أي يكلم الناس بعدما دخل في السن ؛ يعني قبل أن يرفع إلى السماء. وقال الحسن : (وكهلا أي بعد نزوله من السماء). قوله تعالى : { ومن الصالحين } ؛ أي ومن المرسلين.
وقال الكلبي : (أراد بالمهد : الحجر). روي أنهم لما قالوا لها : { يامريم لقد جئت شيئا فريا }[مريم : 27] كلمهم وهو في حجرها فقال : { إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أين ما كنت }[مريم : 30-31] ، وكان يومئذ ابن أربعين يوما.
فإن قيل : الكلام في حال كونه في المهد يعجب الناس منه ، وأما الكلام في الكهولة فليس بعجب ، فكيف ذكره الله ؟ قيل : في ذلك الكلام وفي الكهولة بشارة لمريم في أن عيسى يعيش إلى وقت الكهولة.
وقيل : تكلم في المهد ببراءة أمه مما رماها به اليهود ، وتكلم بالكهولة بإبطال ما ادعاه النصارى من كونه إلها ؛ لأنه كان طفلا ثم صار كهلا ، ومن يكون بهذه الصفة لا يكون إلها.
والكهل في اللغة : من جاوز حد الشباب ولم يبلغ حد الشيخوخة ، يقال : اكتهل النبات إذا قوي واشتد. وقيل : الكهل : هو الذي يكون ابن أربع وثلاثين سنة.
Page 303