La Pensée Scientifique et les Réalités Émergentes Contemporaines
التفكير العلمي ومستجدات الواقع المعاصر
Genres
57
هذه نماذج تدل على أن العلماء العرب لديهم منهج تجريبي بالمعنى الحديث وبالتالي فليس حقيقة ما يدعيه بعض المستشرقين بأن كتابات علماء العرب تخلو من الجانب التجريبي ويكفينا لتفنيد رأي هؤلاء المستشرقين ما ذكره المستشرق المنصف بريفولت
Briffault
في كتابه «تراث الإنسانية»
making of humanity
بقوله: «إن ما يدين به علمنا لعلم العرب ليس هو ما قدموه لنا من اكتشافهم لنظريات مبتكرة غير ساكنة. إن العلم يدين للثقافة العربية بأكثر من هذا ... إنه يدين لها بوجوده، وقد كان العالم - كما رأينا - عالم ما قيل العلم، إن علم النجوم ورياضيات اليونان كانت عناصر أجنبية لم تجد لها مكانا ملائما في الثقافة اليونانية. وقد أبدع اليونان المذاهب وعمموا الأحكام. ولكن طرق البحث وجمع المعرفة الوضعية وتركيزها ومناهج العلم الدقيقة والملاحظة المفصلة العميقة، والبحث التجريبي كلها كانت غربية عن المزاج اليوناني ... أن ندعوه بالعلم في أوروبا كنتيجة لروح جديدة في البحث ولطرق جديدة في الاستقصاء ... طريق التجربة وتلك الملاحظة والقياس ولتطوير الرياضيات في صورة لم يعرفها اليونان. وهذه الروح وتلك المناهج أدخلها العرب إلى العالم الأوربي.»
58
وثمة نقطة هامة نأخذها على الكثير من المستشرقين، تتمثل في وضعهم لمقاييس صارمة يحكمون بموجبها على نشأة العلم العربي.
إن أحد الأمثلة المهمة لمثل هذه المقاييس نجده عند المستشرق ألدو مييلي؛ حيث يعتقد أن سبب ترجمة الكتب العلمية والفلسفية ونقلها من اللغات الأخرى وبخاصة اليونانية يعود إلى تشجيع الخلفاء والأوامر، وفي هذا: وطبيعي أن هذا النشاط العظيم للمترجمين وجماع العلوم، كانت تساعده وتشد من أزره حماية الخلفاء الرسمية. ولكن كل أسرة من أسر حماة الآداب والعلوم كانت تتنافس أيضا في هذا المضمار مع أمير المؤمنين، وهنا ينبغي أن نذكر ذلك النشاط الخير الذي أبداه - في النصف الأول من القرن التاسع الميلادي - بنو موسى، وهم الأبناء الثلاثة لموسى بن شاكر، الذين كانوا هم أنفسهم رياضيين فلكيين، ولكنهم كانوا على الأخص حماة العلوم «والمترجمين الذين جعلوهم في خدمتهم».
59
Page inconnue