78

La Formation du Narrateur

تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي

Enquêteur

أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي

Maison d'édition

دار طيبة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
قَالَ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ كَلَامِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ قَدَّمَ صَحِيحَ مُسْلِمٍ لِمَعْنًى آخَرَ غَيْرِ مَا يَرْجِعُ إِلَى مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ مِنَ الشَّرَائِطِ الْمَطْلُوبَةِ فِي الصِّحَّةِ، بَلْ لِأَنَّ مُسْلِمًا صَنَّفَ كِتَابَهُ فِي بَلَدِهِ بِحُضُورِ أُصُولِهِ فِي حَيَاةِ كَثِيرٍ مِنْ مَشَايِخِهِ، فَكَانَ يَتَحَرَّزُ فِي الْأَلْفَاظِ وَيَتَحَرَّى فِي السِّيَاقِ، بِخِلَافِ الْبُخَارِيِّ، فَرُبَّمَا كَتَبَ الْحَدِيثَ مِنْ حِفْظِهِ، وَلَمْ يُمَيِّزْ أَلْفَاظَ رُوَاتِهِ؛ وَلِهَذَا رُبَّمَا يَعْرِضُ لَهُ الشَّكُّ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: رُبَّ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ بِالْبَصْرَةِ فَكَتَبْتُهُ بِالشَّامِ، وَلَمْ يَتَصَدَّ مُسْلِمٌ لِمَا تَصَدَّى لَهُ الْبُخَارِيُّ مِنِ اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ وَتَقْطِيعِ الْأَحَادِيثِ، وَلَمْ يُخْرِجِ الْمَوْقُوفَاتِ.
قَالَ: وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ الْمَغَارِبَةِ، فَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَقْيِيدُ الْأَفْضَلِيَّةِ بِالْأَصَحِّيَّةِ، بَلْ أَطْلَقَ بَعْضُهُمُ الْأَفْضَلِيَّةَ، فَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ أَبِي مَرْوَانَ الطُّبْنِيِّ - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، ثُمَّ نُونٍ - قَالَ: كَانَ بَعْضُ شُيُوخِي يُفَضِّلُ صَحِيحَ مُسْلِمٍ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. قَالَ: وَأَظُنُّهُ عَنَى ابْنَ حَزْمٍ.
فَقَدْ حَكَى الْقَاسِمُ التُّجِيبِيُّ فِي فَهْرَسَتِهِ عَنْهُ ذَلِكَ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ إِلَّا الْحَدِيثُ السَّرْدُ، وَقَالَ مَسْلَمَةُ بْنُ قَاسِمٍ الْقُرْطُبِيُّ مِنْ أَقْرَانِ الدَّارَقُطْنِيِّ: لَمْ يَصْنَعْ أَحَدٌ مِثْلَ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَهَذَا فِي حُسْنِ الْوَضْعِ وَجَوْدَةِ التَّرْتِيبِ لَا فِي الصِّحَّةِ.

1 / 100