42

La Formation du Narrateur

تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي

Enquêteur

أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي

Maison d'édition

دار طيبة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تدريب الراوي]
(الثَّالِثُ): قِيلَ: لَمْ يُفْصِحْ بِمُرَادِهِ مِنَ الشُّذُوذِ هُنَا، وَقَدْ ذَكَرَ فِي نَوْعِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ؛ أَحَدُهَا: مُخَالَفَةُ الثِّقَةِ لِأَرْجَحَ مِنْهُ. وَالثَّانِي: تَفَرُّدُ الثِّقَةَ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ: تَفَرُّدُ الرَّاوِي مُطْلَقًا. وَرَدَّ الْأَخِيرَيْنِ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ هُنَا الْأَوَّلَ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَادَ إِذَا كَانَ مُتَّصِلًا وَرُوَاتُهُ كُلُّهُمْ عُدُولًا ضَابِطِينَ، فَقَدِ انْتَفَتْ عَنْهُ الْعِلَلُ الظَّاهِرَةُ. ثُمَّ إِذَا انْتَفَى كَوْنُهُ مَعْلُولًا فَمَا الْمَانِعُ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ؟ فَمُجَرَّدُ مُخَالَفَةِ أَحَدِ رُوَاتِهِ لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُ عَدَدًا لَا يَسْتَلْزِمُ الضَّعْفَ، بَلْ يَكُونُ مِنْ بَابِ صَحِيحٍ وَأَصَحَّ.
قَالَ: وَلَمْ يُرْوَ مَعَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ اشْتِرَاطُ نَفْيِ الشُّذُوذِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْمُخَالَفَةِ. وَإِنَّمَا الْمَوْجُودُ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ تَقْدِيمُ بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى بَعْضٍ فِي الصِّحَّةِ.
وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمَا أَخْرَجَا قِصَّةَ جَمَلِ جَابِرٍ مِنْ طُرُقٍ، وَفِيهَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ، وَفِي اشْتِرَاطِ رُكُوبِهِ، وَقَدْ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ الطُّرُقَ الَّتِي فِيهَا الِاشْتِرَاطُ عَلَى غَيْرِهَا، مَعَ تَخْرِيجِ الْأَمْرَيْنِ، وَرَجَّحَ أَيْضًا كَوْنَ الثَّمَنِ أُوقِيَّةً مَعَ تَخْرِيجِهِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُسْلِمًا أَخْرَجَ فِيهِ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي الِاضْطِجَاعِ قَبْلَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَقَدْ خَالَفَهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ كَمَعْمَرٍ وَيُونُسَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَشُعَيْبٍ، وَغَيْرِهِمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَذَكَرُوا الِاضْطِجَاعَ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَرَجَّحَ جَمْعٌ مِنَ الْحُفَّاظِ رِوَايَتَهُمْ عَلَى رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَتَأَخَّرْ أَصْحَابُ

1 / 64