وأما ثانيا: فهو أن قوله: ظنا منه...الخ، عجيب جدا، فإن إرسال مؤلف مؤلفه إلى بلد لا يكون مبنيا على ظن عدم جوابه قطعا؛ بل يكون ذلك لينتفع به العالمون في الحال، ويحترز الجاهلون عن سيء المقال، وتحصل لهم الهداية في البدء والمال، وتزول عنهم الضلالة بالاستعجال، سواء ظن أن المردود عليه يجيب عنه، أو يظن أنه يسكت عنه.
وأما ثالثا: فهو أن نسبة هذا الظن إلي داخلة تحت الظن الخبيث، فإن الظن أكذب الحديث.
وكنت لا أظن أنه لا يكون ل((إبراز الغي)) منك جواب، وأنك تترك الخطاب.
نعم؛ كنت أظن أمرين، وقد صدق ظني بتحقيق الأمرين:
أحدهما: أن جوابه لا يمكن منك وحدك، بل إذا جمعت أعوانك، وأنصارك، وناديت شيعتك وعشيرتك، فيجتمعوا لك، ويتفقوا لنصرتك، فيكتبوا بائتلافهم جوابا، وإن كان خرابا، أمكن وجود الجواب، وإن كان باعثا للعذاب.
وما أحسن قولي حين أخبرت عن قولك الذي سطرته إلى بعض أحبابك، فإنك كتبت مرة مغاضبا علي: ما له يرد علي، وإني قادر على استئجار عشرين كاملا، فيردون عليه، ويكشفون عما لديه، فأنشدت في الفور، من غير تأمل وغور:
إن قومي تجمعوا
ولقتلي تحدثوا
لا أبالي بجمعهم
كل جمع مؤنث
وقلت: بون بعيد بيني وبينه، فإنه محتاج في الرد علي إلى استئجار العشرين، وأنا قادر على الرد على العشرين، بل المئتين، من غير احتياج إلى ناصر ومعين، وذلك فضل الله المبين، يؤتيه من يشاء ويختص برحمته من يشاء، ولو كره الضنين.
Page 77