وقد دوَّنَ لنا العلماءُ أسماءَ أولئك الحفاظِ الأوتادِ على اختلاف أمكنتهم وأزمانهم في مؤلَّفاتٍ مستقلَّة، كان منها كتاب الإمام ابنِ الجوزي الموسوم بـ "الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ"، وكتاب الحافظ الذهبي "تذكرة الحفاظ" الذي لم يُعهد له مثالٌ سابق، ولا نظيرٌ لاحق، وكذا الحافظ السيوطي في "طبقات الحفاظ"، وقد بيَّنوا فيها حِفْظَ أولئك العلماءِ لحديثِ رسولِ الله ﷺ، وضَبْطَهم وأداءَهم بأمانةٍ وإخلاصٍ، وكيف سهروا لياليهم في الحفظ والفَهْم والمُذاكرةِ، مع الإتقانِ والتحرِّي فيه.
ثم جاء الإمامُ يوسفُ بنُ عبد الهادي، فأراد أن يصنِّفَ كتابًا جامعًا لأسماء حفظة السنة النبوية بدءًا من عصر الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- إلى عصره، على جهة الاختصار، ذاكرًا اسمَ الحافظِ ونسبَه وكنيتَه، وسنةَ وفاتِه، ومَنْ نَعَتَه بالحافظ من العلماء، معتمدًا على كلام الحافظ الذهبي في كتابه: "العبر في خبر من غبر"، وذيله للحسيني، ثم "الكاشف" و"التذهيب" كلاهما للذهبي أيضًا، ثم على كلام الإمامِ ابن الجوزي، وابنِ ناصر الدِّين الدِّمشقي، وغيرهم، فقارَبَ ما جَمَعَهُ الألفَ حافظٍ، فكان بحقٍّ تذكرةً لأهل العلم بأسماء حُفَّاظ السنة النبوية.
* * *
هذا وقد تمَّ -بفضل الله تعالى- الوقوف على النسخة الخطية الفريدة لهذا الكتاب، وهي النسخة المحفوظة بدار الكتب الظاهرية
1 / 6