ومن غدا ببديع ... من المعاني محلّى
رفقًا بصبٍّ كئيب ... للهمِّ أضحى محلاّ
حرّمت طيب التلاقي ... والهجر غادرتَ حِلاّ
وكنتَ أعددت صبري ... ذخيرةً فاضمحلاّ
وقال:
زادتْ ملاحته وقلَّ نظيره ... رشأ حكاه من القضيب نضيرهُ
أطلقت دمعي في هواه صبابةً ... لكن قلبي المستهام أسيرهُ
أبدًا يجور فما عليه فديته ... لو كان يرحم عاشقًا ويجيرهُ
ريم وما للريم لفتة طرفه ... بدرٌ وما للبدر حسنًا نورهُ
أحوى يميل من الدلال وطرفه ال ... وسنان منه ما أجنّ ضميرهُ
ربّ الجمال له القلوب مطيعةٌ ... ونبيّ حسن والعذار نذيرهُ
دانت لطاعته القلوب وصدّقت ... لما أتاها بالجمال بشيرهُ
يا بدر رفقًا في هواك بمغرم ... النجم من شوق إليك سميرهُ
الصبر فيك عصى عليّ قليلهُ ... والدمع أذعن من جفاك كثيرهُ
بالله رقّ لعاشقٍ بك مغرم ... كثرت لواحيه وقلّ نصيرهُ
لله صبّ بات يخفي وجده ... والدمع يظهر ما يجنّ ضميرهُ
فبقلبه نارٌ يشبّ ضرامها ... وبجفنه دمع يسحّ مطيرهُ
وقال في مغنيةٍ اسمها شجر:
وبي ظبية أدماء ناعمة الصبا ... تحار الظباء الغيد من لفتاتها
أعانقُ غصنَ البانِ من لينِ قدّها ... وأجني جنيّ الوردِ من وجناتها
ويطربني إنْ حدّثت رجع قولها ... وأرشفُ كأس الراح من رشفاتها
وما شجر إلاّ الأماني لأنني ... جنيت ثمار اللهو من عذباتها
وقال من قصيدة يمدح بها الصاحب الأعظم علاء الدين صاحب الديوان عزّ نصره:
تثنّي قوامك يا أسمرُ ... به يوصف الذابل الأسمرُ
ونور محيّاك يا منيتي ... به يشرق القمر النيّرُ
تعشقته ناعس المقلتين ... به جفن عاشقه يسهرُ
وبي أسمرٌ فاتر جفنه ... به نار شوقيَ لا تفترُ
قضيبٌ تحلّى بحلي الجمال ... ولكنه بالأسى مثمرُ
هلال له منزل في القلوب ... بغير الصبابة لا يعمرُ
يطوف علينا بمشمولةٍ ... وألحاظه قبلها تسكرُ
فمن راحتيه كؤوس المدام ... تدارُ ومن خدّه تُعصرُ
ويبسم عن واضح كالجمانِ ... وعن مثل بدر الدجى يسفرُ
بوجنته جنّة زخرفت ... يردّ لماه بها الكوثرُ
رعى الله عيشًا مضى أبيضًا ... وعودُ الوصال به أخضرُ
وجادك يا طيب أيّامنا ... بسفح اللّوى عارضٌ ممطرُ
ذكرت بقوله:
تعشقته ناعس المقلتين
أبياتًا أنشدنيها أحد أولاد ابن سناء الملك، وصل إلى إربل وكان له ثروة ظاهرة ونعمة تامة وقال: إنها لجده القاضي الشاعر:
تعشقته ناعس المقلتين ... تنمّ على أنه لم ينمْ
وهمت به أسمر المرشفين ... عليه اللمى وعليه اللممْ
فسيف مقبله لا يشام ... وورد بوجنته لا يشمْ
أعاذلي فيه لما رآه ... لئن كنت أعمى فإني أصمْ
فهبك أبا ذرّ هذا الحديث ... وهبني أبا جهل هذا الصنمْ
وأما قوله:
رعى الله عيشًا مضى أبيضًا
فالناس فيه عيال على صاحب المقامات في قوله: فمذ اغبرّ العيش الأخضر، وازورّ المحبوب الأصفر، اسودَّ يومي الأبيض وابيضَّ فودي الأسود حتى رثى لي العدو الأزرق فيا حبذا الموت الأحمر.
فأما الشعر فأذكر منه ما يخطر، قال الطغرائي:
يحمون بالبيضِ والسمرِ اللدان معًا ... سودَ الغدائرِ حمرَ الحلي والحللِ
ولابن الساعاتي:
زهر الحجى سمر القنا سود الوغى ... خضر الحمى بيض الدمى حمر النعم
من كلِ ظبيٍ دونه ليثُ شرىً ... ليسَ له غيرُ قنا الخطِّ أجم
وبيت الحماسة مشهور:
بسود نواصيها وحمر أكفّها ... وصفر تراقيها وبيض خدودها
وللمحيي، ﵀، من موشحةٍ:
أسمر في الجفن منه أبيض ... أحمر دمعي به بريقُ
عرّضني للضنا وأعرض ... فها أنا منه لا أفيقُ
وأنشدني بعضهم، وهي من باب المديح:
طالما قلت للمسائلِ عنهم ... واعتمادي هداية الضُّلاّلِ
إن ترد كشف حالهم عن يقينٍ ... فألقهم في منازل أو نزالِ
1 / 47