تَذْهِيْب
تَهْذِيْبُ الكَمَالِ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَال
لِلْإِمَامِ الحَافِظِ
شَيْخِ الإِسْلَام حُجَّة المُحدثين وإِمَام المؤرِّخينَ
شَمْس الدِّين أبي عَبْدِ الله مُحَمَّد بْنِ أَحْمَد بْنِ عُثْمَان بْنِ قيمَازْ
الشَّهِيْرُ بـ "الذَّهَبِيِّ
(٦٧٣ - ٧٤٨ هـ)
تَحْقِيْقْ
غُنَيْم عَبَّاس غُنَيْم
مَجْدِي السَّيِّد أَمِيْن
المُجَلَدِ الأَوَّل
النَّاشِرُ
الفَارُوقُ الحَدِيْثَةِ لِلْطِّبَاعَةِ وَالنَّشْرِ
1 / 1
جميع حقوق الطبع محفوظة للناشر
لا يجوز نشر أى جزء من هذا الكتاب أو إعادة
طبعه أو تصويره أو اختزان مادته العلممهّ
بأى صورة دون موافقة كتابية من الناشر.
النَّاشِرُ الفَارُوقُ الحَدِيْثَةِ لِلْطِّبَاعَةِ وَالنَّشْرِ
خلف ٦٠ ش راتب باشا - حدائق شبرا
ت - ٤٣٠٧٥٢٦ - ٢٠٥٥٦٨٨ القاهرة
اسم الكتاب: تذهيب تهذبب الكمال فى أسماء الرجال
تأليف: شمس الدين أبى عبد الله الذهبى
تحقيق: غنيم عباس غنيم/ مجدى السيد أمين
رقم الإيداع: ١٩٤٦٧/ ٢٠٠٣
الترقيم الدولي: ٨ - ٠٠٣ - ٣٧٠ - ٩٧٧
الطبعه: الأولى
سنهّ النشر: ١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
طباعة: الفَارُوقُ الحَدِيْثَةِ لِلْطِّبَاعَةِ وَالنَّشْرِ
1 / 2
تَذْهِيْبْ
تَهْذِيْبُ الكَمَالِ
فِي أَسْمَاءِ الرِّجَال
1 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة الناشر
الحمد لله رب العالمين حمدًا طيبًا مباركًا فيه كما ينبغى لجلال وجه وعظيم
سلطانه. ونصلى ونسلم على خاتم رسله وأنبياءه، ﷺ وعلى آله الطيبين،
وصحبه الغر الميامين ومن استن بسنته، واهتدى بهديه إلى يوم الدين
وبعد،،
فنحمد الله على ثقة طلاب العدم فى اصدارات الفَارُوقُ الحَدِيْثَةِ لِلْطِّبَاعَةِ وَالنَّشْرِ
وتقديرأ لهذه الثقة فها نحن بصدد إصدار جديد من إصداراتنا
يطبع لأول مرّة وهو كتاب تَذْهِيْبْ تَهْذِيْبُ الكَمَالِ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَال
للحافظ الذهبى وهو كتاب مفيد فى بابه يكمل عقد الكلام على رجال
الكتب الستة، وشهرة الحافظ الذهبى وجودة مصنفاته أشهر من أن تبين لذا
كان حرصنا على خروج هذا الكتأب - الذى لَمْ يصدر من قبل - حرصًا
كبيرًا لأنه لا يليق بمصنف كبير مثل هذا من مصنفات الحافظ الذهبى أن
يظل طوال هذه الفترة دون أن يخرج لطلاب العلم.
ويأتى هذا الاصدار ضمن سلسلة إصداراتنا التخصصة فى علم الرجال.
منها ما يطبع لأول مرّة ككتاب إكْمَالُ تَذْهِيْبْل الكَمَالِ - للعلامة مغلطاى -
وهو كتاب يمتلىء بالفوائد، وكتاب - تَارِيخِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمِةُ - بقيمته الهامة
1 / 5
واحتياج طلاب العلم له، وكتاب تَعْلِيْقَات الدَّارَقُطْنِي على كتاب
المجروحين لابن حبان.
ومنها ما طبع من قبل ولكننا أعدْنا إصداره بما يحتاجه من إعادة ضبط
ككتاب لِسَانُ المِيزَانْ الذى أخرجناه عدى خمس نسخ خطية استدرك
بها محققه كثيرًا من السقط والتحريف فى الطبعات السابقة.
ومنها ما يحتاج إلى فهارس علمية مفيدة كفهارسنا لكتب
إكمال ابن ماكولا والْجَرْحُ وَالتَّعْدِيْلُ وتَهْذِيْبُ التَهذِيْب
وما تقدم يبين لك أخى القارئ الكريم حرص الدار على الاهتمام بهذا
العلم الذى كاد يغيب عن الاهتمام به فى فترة سابقة، لذا فإننا نهيب
بإخواننا طلبة العلم أن يتعاونوا. معنا فى الحفاظ على هذا التراث بأن يقاطعوا
هؤلاء الذين تحْصصوا فى سرقة. ككل إصدار جديد ليستولوا على جهد
الآخرين ويشوهونه بأخطائهم الكثيرة، وتحريفاتهم الناشئة عن قلة خبرتهم
بهذا العلم، فلا أقلّ من مقاطعة هؤلاء حفاظًا على هذا التراث الغالى.
وأخيرًا فنسأل الله ﷾ أن يتقبل منا ويعيننا على طاعته.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الناشر
1 / 6
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا
إله إلَّا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران: ١٠٢].
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ [النساء: ١].
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١].
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هدي محمد ﷺ
وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
فإنه لما كان الحافظ الذهبي هو مؤرخ الإسلام، ورجل الرجال في عصره، وكان
اختصاره "لتهذيب الكمال" للحافظ أبي الحجاج المزي له قيمته من حيث حسن
الاختصار وزوائد الذهبي الميزة على التهذيب، وكان الكتاب مازال مخطوطًا لَمْ
يطبع بعد، فقد استعنا بالله على تحقيقه وخدمته؛ لينشر ويأخذ مكانه بين كتب
الرجال. وقد وفقنا الله للوقوف على ست نسخ خطية جيدة جدًّا من الكتاب، منها
ثلاث كتبت في حياة الإمام الذهبي، وعلى إحداهم خطه، فبذلنا جهدنا في ضبط
وإخراج الكتاب، وقدمنا له مقدمة دراسية، وصنعنا له الفهارس العلمية اللازمة.
1 / 7
نسأل الله أن ينفع به كلّ من عمل فيه، وساعد على طبعه ونشره، وسائر
المسلمين، ونسأله تعالى أن يغفر لنا زللنا، ويجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن يتقبله منا
قبولا حسنًا، والحمد لله رب العالمين.
دار الكوثر
1 / 8
منهج العمل في تحقيق الكتاب
لإخراج الكتاب بهذه الصورة، وتحقيقه تحقيقًا علميًّا، اتبعنا المنهج التالى: قام
الإخوة بدار الكوثر بنسخ الكتاب من نسخه أحمد الثالث - الأصل - وبالنسبة
للمجلد الأول المفقود منها، قمنا بنسخه من نسخة دار الكتب - د - ثم قام الإخوة
بمقابلة المنسوخ على جميع نسخ المخطوط مقابلة دقيقة، وأثبتنا الفروق الجوهرية، ثم
قابلنا بين الكتاب وأصله "تهذيب الكمال" وأثبتنا الفروق الجوهرية، وعزونا زوائد
الذهبي على تهذيب الكمال إلى أصولها التي نقل منها الحافظ الذهبي - ما استطعنا إلى
ذلك سبيلا - وعزونا الآحاديث التي ذكرها الذهبي أو أشار إليها من طريق صاحب
الترجمة إلى مصادرها من كتب الصحاح والسنن، وضبطنا ما يشكل من الأسماء
والكنى والألقاب والأنساب والبلدان وغيرها ضبط قلم، ولكبر حجم الكتاب فقد
شارك عدد من الإخوة الأفاضل في تحقيقه، فجزاهم الله عنا خير الجزاء، وجعل هذا
العمل في ميزان حسناتهما، وكان العمل حسب ترتيب الكتاب كالتالي:
- من بداية الكتاب إلى آخر حرف الزاي اشترك فيه أبو بلال غنيم بن عباس وأبو
صفية مجدي السيد.
- من بداية حرف السين إلى آخر حرف الظاء اشترك فيه أبو بلال غنيم بن عباس
وأبو جهاد أيمن سلامة.
- من بداية حرف العين إلى آخر عبدة قام بتحقيقه أبو جهاد أيمن سلامة.
- من بداية عبيد الله إلى آخر علي بن عيسى بن يزيد قام بتحقيقه عبد السميع البرعي.
- من بداية علي بن عيسى المخرمي إلى آخر عمر مولى غفرة قام بتحقيقه أبو جهاد أيمن سلامة.
1 / 9
- من بداية عمرو إلى آخر حرف اللام اشترك فيه مسعد كامل وأبو جهاد أيمن
سلامة.
- من بداية حرف الميم إلى آخر محمد بن المنكدر قام بتحقيقه محمد نعناعة.
- من بداية محمد بن المنهال إلى آخر مضرب بن يحيى اشترك فيه مسعد كامل
وأبو جهاد أيمن سلامة.
- من بداية مطر الوراق إلى آخر الكتاب اشترك فيه مسعد كامل وأبو صفية مجدي
السيد.
ثم قام أبو عمار ياسر كمال بعمل الفهارس العلمية للكتاب، وهي كالتالي:
- فهرس الآحاديث.
- فهرس الآثار.
- فهرس الرجال الذين تكلم فيهم الذهبي - سواء بجرح أو تعديل أو تعريف أو
تاريخ وفاة ....
- فهرس الرجال الذين زادهم الإمام الذهبي على "تهذيب الكمال".
- فهرس الأشعار.
وقد ساعده في ذلك الإخوة: حسام عبد الله، ورأفت حمدي، وشريف
خفاجي، وكان لهؤلاء الإخوة النصيب الأكبر في مراجعة تجارب الكتاب، الذي قام
بمراجعة تجاربه مجموعة من الإخوة العاملين بدار الكوثر.
- ولا ننسى أن نشكر الإخوة: عبد العال مسعد، وخالد حسن، ومحمد نبوت،
ووائل بكر، الذين كان لهم النصيب الأكبر في نسخ الكتاب ومقابلته على المخطوطات.
- ولا ننسى أن نتقدم بالضكر للأخ الفاضل / أبو عبد الله محيي الدين البكاري على
ما قام به من مراجعات ونبه علينا بعض التنبيهات في المجلدات من السادس إلى العاشر.
1 / 10
ثم كتبنا مقدمة علمية أطكتاب تحتوي على: تقدمة، ومنهج العمل في تحقيق
الكتاب، وثلاثة أبواب:
الباب الأولى: الإمام الذهبي، درفيه فصلان:
الفصل الأول: ترجمة الإمام الذهبي.
* اسمه ومولده.
* طلبه للعلم.
* شخصيته العلمية وحياته الثقافية.
* ثناء العلماء على الإمام الذهبي.
* وفاة الإمام الذهبي.
الفصل الثانىِ: مؤلفات وتراث الإمام الذهبي.
* القراءات.
* الحديث.
* مصطلح الحديث.
* العقائد.
* أصول الفقه.
*الفقه.
*الرقائق.
* التاريخ والتراجم.
* السير والتراجم المفردة.
* معاجم الشيوخ.
1 / 11
* الختصرات والمنتقيات.
* الأربعينات.
* الثلاثينات.
* العوالي.
* الأجزاء.
* المنوعات.
الباب الثاني: كتاب تذهيب التهذيب، ويشتمل على توطئة وأربعة فصول:
* توطئة.
الفصل الأول: جذور تذهيب التهذيب وأصوله.
الفصل الثاني: الغاية من تأليف التذهيب وفائدته.
* ومن أهم الفوائد التي يقدمها التذهيب ما يلي:
أولًا: توضيح مبهم.
ثانيًا: تفصيل مجمل.
ثالثًا: إزالة شك.
رابعًا: دفع خطأ.
خامسًا: دفع وهم.
سادسًا: بيان عقيدة المترجم له.
سابعًا: بيان صحة حديثه أو ضعفه.
ثامنًا: زيادة إيضاح لاسم العلم المترجم له.
تاسعًا: زيادة بعض الشيوخ والتلاميذ إلى الترجمة.
1 / 12
عاشرًا: ذكر بعض مناثبب صاحب الترجمة بما يدلك على عدالته في ميزان الجرح
والتعديل.
حادي عشر: فوائد في الجرح والتعديل والحكم على بعض الرواة.
الفصل الثالث: عناية العلماء بتذهيب التهذيب وأهم المصادر التي تناولته.
الفصل الرابع: منهج الحافظ الذهبي في تذهيب التهذيب.
الباب الثالث، ويشتمل على فصلين:
الفصل الأول: توثيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه.
الفصل الثاني: التوصيف العلمي للنسخ الخطية.
وقد قام بكتابة الباب الأول من المقدمة أبو جهاد أيمن سلامة، وقام بكتابة الباب
الثاني الأستاذ / أيمن مازن، وقام بكتابة باقي المقدمة أبو عمار ياسر كمال.
ونأمل أن نكون وفقنا لخدمة الكتاب وإخراجه على الوجه الذي يرضي الله - تعالى
- ونسأل الله أن يتقبله منا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ييسر الانتفاع به، إنه ولي ذلك
والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
1 / 13
الباب الأول
الإمام الذهبي
الفصل الأول: ترجمة الإمام الذهبي
الفصل الثاني: مؤلفات وتراث الإمام الذهبي
1 / 15
الباب الأول: الإمام الذهبي
مما لا شك فيه أن تحقيق هذا الكتاب الجليل للإمام الذهبي يستدعي منا أن نلقي
الضوء على جوانب من حياة المؤلف وآثاره العلمية ومدى تأثيره في الحياة الفكرية في
المجتمع الإسلامي في عصره وفي العصور التالية لعصره إلى الآن. وأيضا التعريف
بأهمية كتابنا الجليل "التذهيب مختصر تهذيب الكمال في أسماء الرجال" والإشارة
إلى نسخه الخطية ومنهج الإمام الذهبي في تصنيفه لهذا السفر الجليل. فأولًا سنتحدث
عن جوانب من حياة مؤلفنا، ولكن ماذا نكتب عن الإمام الذهبي وهناك العديد من
المؤلفات والدراسات الحديثة التي أفردت لحياة الإمام وآثاره الفكرية قام بتأليفها أساتذة
أجلاء كبار، ولعل أشهرهم على الإطلاق الأستاذ د/ بشار عواد معروف وكتابه الجليل
"الذهبي ومنهجه في كتابة تاريخ الإسلام" وأيضًا الأستاذ / قاسم علي سعد وكتابه
"صفحات في ترجمة الحافظ الذهبي" وغيرهم، هذا بالنسبة للكتب التي صدرت في
عصرنا، وأما بالنسبة للكتب التي اعتنت بترجمة الحافظ الذهبي منذ القرن الثامن
الهجري فهي كثيرة وعليه فقد قمنا بعمل ترجمة مختصرة لعالمنا الجليل حاولنا فيها
تقديم جانب من حياته وآثاره العلمية وفضله في إثراء الحركة الفكرية من تلك المراجع.
كما قمنا في الجزء الخاص بآثار الحافظ الذهبي من مؤلفات وكتب بالاستفادة
بمقدمة الأستاذ الدكتور: طيار آلتي قولاج محقق كتاب "معرفة القراء الكبار" للإمام
الذهبي والذي طبع سنة ١٩٩٥ م، حيث جمع فيه - جزاه الله خيرًا - جميع آثار الإمام
الذهبي من الكتب والمؤلفات المطبوع منها والمخطوط وذلك من خلال دراسات من
سبقوه في هذا الشأن، بعضها توفر لنا، وقد أشرنا له سابقًا وبعضها لَمْ يتوفر لنا وذلك
حتى تعم الفائدة حيث أن بعض هذه المراجع لا يتوافر لكثير من الباحثين وطلاب
العلم.
1 / 17
فجزى الله أساتذتنا الأفاضل خيرًا على ما قدموه لنا من ترجمة لهذا الإمام الجليل
وأن يجعل الله ﵎ عملهم وعملنا هذا في ميزان حسناتنا إنه نعم المولى ونعم
النصير.
1 / 18
الفصل الأول: ترجمة الإمام الذهبي
١ - اسمه ومولده:
محمد بن أحمد بن عثمان بن قيماز ابن الشيخ عبد الله التركماني الفارقي ثم
الدمشقي ابن الذهبي.
وقد أعادت المصادر التي تناولت حياة الذهبي هذه المعلومات، وأضافت بأنه كان
معروفًا بكنية أبي عبد الله، كما أنه لقب بشمس الدين أيضًا.
ولد سنة ثلاث وسبعين: ستمائة (١) في قرية كَفَرْ بَطْنا (٢)، وهي قرية من قرى غوطة
دمشق.
وقد عاش الذهبي، الذي ولد في عائلة تركمانية، ردحًا من حياته في مدينة
ميافارقين القديمة (مدينة سلوان الحالية) التابعة لولاية دياربكر، حيث كانت هذه
الأسرة تنتهي بالولاء إلى بني تميم، كما أكد الذهبي ذلك بنفسه (٣).
وقد كان والده شهاب الدين أحمد بن عثمان من أهل التقوى والصلاح يحب
العلم ويطلبه، حيث أنه سمع"صحيح البخاري" سنة ٦٦٦ هـ من المقداد بن هبة الله
القيسي، وأدى فريضة الحر أواخر أيام عمره (٤). وكانت عائلة الذهبي ميسورة الحال،
حيث عرف عن أبيه أحمد بن عثمان الذي توفي في اليوم الأخير من شهر جمادى
الأولى سنة ٦٩٧ هـ، بأنه كان ينفق ما رزقه الوهاب العليم في سبيل الله ومرضاته.
عرف الذهبي نسبة إلى صنعة أبيه بابن الذهبي حيث ذكرها في العديد من
_________
(١) طبقات الشافعية للسبكي (٩/ ١٠٠ - ١٢٣)، والأعلام للزركلي (٥/ ٣٢٦ - ٣٢٧).
(٢) معجم البلدان (٤/ ٥٣١ رقم ١٠٢٩٥).
(٣) الذهبي ومنهجه ص ٧٧.
(٤) معجم شيوخ الذهبي ص ٥٧.
1 / 19
مؤلفاته. وقد يكون اشتغال الذهبي فى حرفة أبيه هو السبب الذي دعا العلماء
المعاصرين له: صلاح الدين الصفدي (١)، وتاج الدين السبكي (٢)، وأبا المحاسن
الحسيني (٣)، وعماد الدين بن كثير (٤)، على إطلاق لقب الذهبي عليه، وهكذا عرف
واشتهر به في التاريخ.
وقد اقترن الذهبي من بين أهل بلدته بفتاة، اسمها فاطمة بنت محمد بن نصر الله
ابن القمر الدمشقية، التي توفاها الئه بعد ثمانية أعوام من وفاة الإمام الذهبي (٧)، وقد
أنجبت منه ثلاثة أطفال اشتهروا باشتغالهم بالعلم، وهم:
١ - أمة العزيز أم سلمة، وهي أكبر أولاده، وقد أجيزت في العديد من العلماء (٦).
٢ - أبو الدرداء عبد الله، وهو الابن الأوسط له، وقد ولد عام ٧٠٨ هـ، وأسمعه
أبوه من خلق كثير، ولكنه توفي وهو في عز الشباب، عام ٧٥٤ هـ (٧).
٣ - أبو هريرة عبدْ الرَّحمن: ولد في عام ٧١٤ هـ، واشتغل مثل إخوته بالعلم،
واستفادا من العديد من العلماء، واستمع منهم مع أبيه أجزاء الحديث، كما كان هو
نفسه يحدث إلى أن مات عام ٧٩٩ هـ (٨).
طلبه العلم:
تلقى الذهبي علومه في طفولتبما من المؤدب علاء الدين علي بن محمد الحلبي
_________
(١) الوافي بالوفيت للصفدي (٢/ ١٦٣).
(٢) طبقات الشافعية للسبكي (٩/ ١٠٠).
(٣) ذيل تذكرة الحفاظ (ص ٣٤).
(٤) البداية والنهاية (١٨/ ٥٠٠ - ٥٠١).
(٥) الدرر الكامنة (٣/ ٢٢٨ رقم ٥٧٣).
(٦) معجم شيوخ الذهبى (ص ٣٠٥).
(٧) الدرر الكامنة (٢/ ٢٦٨ رقم ٢٢٠٣).
(٨) الدرر الكامنة (٢/ ٣٤١ رقم ٢٣٤٣).
1 / 20
المعروف بالبصيص، والذي وضفه الذهبي بقوله: "كان من أحسن النأس خطًا
وأخبرهم بتعليم الصبيان"، حيث قضى في مكتبه أربع سنوات (١)، ثم انتقل من هناك
لدراسة القرآن الكريم عند مسعود بن عبد الله الأغزازي المقريّ، إمام أحد المساجد
الواقعة في محلة الشاغور بدمشق، والذي قال عنه الذهبي: "لقنني جميع القرآن، ثم
جرَّدْت عليه أربعين ختمة" (٢).
وقد اهتم الذهبي، الذي عرف بميله إلى العلوم منذ صباه، أول ما اهتم بعلم
القراءات. فقد واظب عليها عند شيخ القراء جمال الدين أبي إسحاق إبراهيم بن داود
العسقلاني ثم الدمشقي، المعروف بالفاضلي عام ٦٩١ هـ، والذي كان أحد تلاميذ
عالم القراءات الشهير علم الدين علي بن محمد السخاوي (ت ٦٤٣ هـ).
حيث تعلم منه القراءات وفق أسلوب الجمع الكبير، غير أن اشَتداد وطأة مرض
الفالج على شيخه أبى به إلى التوقف عن تلقى دروسه عند "سورة القصص" (٣).
ثم نجد الذهبي بعد ذلك، وفي العام نفسه، يطلب علم القراءات وبالأسلوب
نفسه عند شيخ آخر، هو جمال الدين إبراهيم بن غالي بن شاور البدوي الحميري (٤).
ويقول تلميذه أبو المحاسن الحسيني: "وكان قد جمع القراءات السبع على الي
عبد الله بن جبريل المصري نزيل دمشق، فقرأ عليه ختمة جامعة لمذاهب القراء السبعة،
بما اشتمل عليه "التيسير"، و"حرز الأماني".
استمر الذهبي في مسيرته العلمية بعلم القراءات، بالتتلمذ على العديد من أساطين
القراء، حيث ذكر ابن الجزري أنه ختم بين يدي علم الدين أبو الفضل طلحة بن
_________
(١) معجم شيوخ الذهبي (ص ٣٨٥ رقم ٥٥٦).
(٢) معجم شيوخ الذهبي (ص ٦١٦ رقم ٩٢٠).
(٣) معجم شيوخ الذهبي (ص ١٠٦ رقم ١٣١).
(٤) معجم شيوخ الذهبي (ص ٢٥٠ رقم ٣٤٥).
1 / 21
عبد الله الحلبي (١) المشهور بالعَلم، وفق أسلوب الجمع أيضًا.
وقد ذكر الذهبي لدى تدوينه لترجمة حياة أبي عبد الده محمد بن جوهر التلعفري
بأنه ألف مقدمة في علم التجويد، ونقلها منه الذهبي عام ٦٩١ هـ (٢)، الذي سافر إلى
بعلبك عام ٦٩٣. هـ، وختم هناك ختمة بالجمع في (٥٠) يومًا بين يدي أبي عبد الله
محمد بن محمد بن عليّ بن المبارك الموفق النصيبي (٣).
وعندما توجه الذهبي إلى الإسبهندرية بمصر، استمر في تحصيل علم القراءات،
فحاول الاستفادة من يحيى بن أحمد الصواف الذي وجده عندما دخل عليه عام
٦٩٥ هـ، بأنه قد أضرَّ وأصمَّ، فقرأ عليه بصوت عال جزءًا من الخلعيات، ثم بدأ
بالقراءات السبع وفق أسلوب الجمع، فقرأ "سورة الفاتحة" وآيات من "سورة البقرة"
عليه، غير أنه تيقن من أنه سيضيع الكثير من الجهد والوقت مع هذا العجوز الذي لا
يكاد يسمع، فظفر بعبد الرَّحمن بن عبد الحليم بن عمر الإسكندراني المالكي المعروف
بسحنون (٤). فقرأ عليه أولًا جزءًا من القرآن الكريم، ثم جمع رواية وريق للإمام نافع بن
عبد الرَّحمن برواية حفص للإمام عاصم بن بهدلة، وعرضهما في أحد عشر يومًا.
وبالإضافة إلى هؤلاء الشيوخ الذين تتلمذ عليهم الذهبي، قرأ ختمة بالقراءات
السبع على مجد الدين أبي بكر بن محمد بن القاسم المرسي (٥)، ودرس القراءات على
يد أبي إسحاق إبراهيم بن فلاح الإسكندراني نزيل دمشق، وقرأ القراءات السبع على
شمس الدين أبي عبد الله محمد بن منصور الحلبي (٦)، وسمع "الشاطبية" من أبي
_________
(١) معجم شيوخ الذهبي (ص ١١٨ رقم ١٤٨).
(٢) معجم شبوخ الذهبي (ص ٤٨٩ رقم ٧١٨).
(٣) معرفة القراء الكبار (٣/ ١٤٣ رقم ١١٤٧).
(٤) معجم شيوخ الذهبى (ص ٢٨٩ رقم ٤٠٦).
(٥) معجم شيوخ الذهبي (ص ٦٨٠ رقم ١٠٢٧).
(٦) معجم شيوخ الذهبي (ص ٥٧٧ رقم ٨٥٧).
1 / 22
عبد الله محمد بن أحمد العقيلي (١)، ومن أبي عبد الله محمد بن عبد الكريم علي بن
أحمد التبرنري أيضًا (٢)، وقرأ "المبهج"، و"الكفاية في القراءات الست" لأبي محمد
عبد الله بن عليّ بن أحمد البغدادي المعروف بسبط الخياط، وقرأ "كتاب السبعة"
لأبي بكرأحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد، من أبي حفص عمر بن عبد المنعم
ابن القواس (٣)، وكتاب "التيسير " لأبي عمرو الداني، من أبي عبد الله محمد بن
جابر بن محمد الوادي آشي (٤) الذي تعلم منه "أشياء نفيسة".
وبعد أن تميز الذهبي في دراسة القراءات، وبرع فيها براعة، جعلت شيخه شمس
الدين أبا عبد الله محمد بن عبد العزيز بن أبي عبد الله بن صدقة الدمياطي ثم
الدمشقي (٥)، يتنازل له عن حلقته الدراسية بالجامع الأموي، حينما أصابه المرض الذي
أبى إلى وفاته. ويظهر بذلك أن هذا العمل كان أول منصب علمي يتولاه الذهبي في
حياته العلمية (٦).
ورغم اهتمام الذهبي بعلم القراءات، وصرفه كلّ هذا الجهد والوقت له، فقد
كانت عنايته منصبة على الحديث والتاريخ، ولذلك فقد ذكر ابن الجزري أن عددًا
قليلًا قد أخذ القراءات عن المذهبي عندما قال: "ولم أعلم أحدًا قرأ عليه القراءات
كاملًا، بل شيخنا الشهاب أحمد بن إبراهيم النبجي الطحان قرأ عليه القرآن جميعه
بقراءة الي عمرو بن العلاء، والبقرة جمعًا. وروى عنه الحروف إبراهيم بن أحمد
الشامي، ومحمد بن أحمد بن اللبان، وجماعة. وسمع منه "الشاطبية" يحيى بن أبي
_________
(١) معجم شيوخ الذهبي (ص ٤٧٢ رقم ٦٩٣).
(٢) معجم شيوخ الذهبي (ص ٥٢٢ رقم ٧٧٨).
(٣) معجم شيوخ الذهبي (ص ٤٠٢ رقم ٥٨٢).
(٤) معجم شيوخ الذهبى (ص ٤٨٨ رقم ٧١٧).
(٥) معجم شيوخ الذهبي (ص ٥١٨ رقم ٧٧٠).
(٦) الذهبي ومنهجه (ص ٨٥).
1 / 23