من الأول مخالف لمعلومه ، فليس لمعلومنا منه وجود إلا فى الذهن ، ومعلومه من ذاته ومن الصور هو نفس وجودها.
عندهم أن الله لا تصح عليه الأعراض ، وهو مع ذلك موصوف بالإرادة ، والإرادة عرض ، إلا أنهم يقولون : إن إرادته لا تحتاج إلى موضوع؛ وكذلك الفناء عندهم عرض لا يحتاج إلى موضوع.
السبب فى وجوب أن يكون واجب الوجود واحدا هو أن الذي يتشخص إما أن تكون ذاته علته ، وإما أن تكون غير ذاته علته. فإن كان ذاته علته لم يصح أن تتكثر أشخاصه لأنا إذا قلنا ذاته علة تشخصه كأنا نقول : شخصيته فى ذاته ، فتكون ذاته وشخصيته شيئا واحدا. وإما أن تتكثر بصفات مختلفة فتكون تلك الصفات علة لوجود تلك الأشخاص فيكون وجوده الشخصى متعلقا بعلة. وواجب الوجود بذاته لا يصح أن يكون واجب الوجود بغيره.
إن ما يتشخص بذاته تكون ذاته علته فتكون علة كونه واحدا هو أنه هو هو. فلو كان الإنسان علة تشخصه ذاته لكان ذاتيا له أن يكون إنسانا لأنه لا علة فى كونه إنسانا غير ذاته. إن قيل : ما علة الإنسان فى أنه إنسان؟ قلنا : لا علة لكونه ذاتا فإن العلة لوجوده لماهيته وكونه إنسانا وواجب الوجود بذاته لا علة له فى أنه واجب الوجود بذاته. فإذا دخلت علة سواء أفادت وجودا شخصيا أو غير شخصى كان الوجود معلولا فيكون واجب الوجود بذاته واجب الوجود بغيره. فكونه واجب الوجود وكونه هو نفس ذاته ونفس حقيقته لأنه لم يصر بشيء آخر هذا ، فلما كان كذلك وكان علة شخصيته ذاته كان كونه هو وكونه واجب الوجود بذاته شيئا واحدا فلم يصح أن يتكثر هذا المعنى فى حقيقته. لأنه لم يصر بشيء آخر هذا ، فلما كان كذلك وكان علة شخصيته ذاته كان كونه هو وكونه واجب الوجود بذاته شيئا واحدا فلم يصح أن يتكثر هذا المعنى فى حقيقته.
كل معنى فى ذاته وحقيقته يكون واحدا فلا يتكثر فى حقيقته ، وإنما يتكثر بأعراض.
وصفات واجب الوجود لا يصح أن تتكثر بصفات وأعراض ، ولا يجوز أن يدخل عليه شىء يكون علة لوجوده ، فإنه نفس الوجود.
لا يصح فى واجب الوجود أن يتكثر لا فى معناه ولا فى تشخصه ، والشىء إذا تكثر فإما أن يتكثر فى معناه. وكل معنى فإنه فى ذاته واحد فلا يتكثر فى حقيقته؛ وإما فى تشخصه فإن تشخص واجب الوجود هو أنه هو ، فتشخصه وأنه هو واحد ، وهو نفس ذاته وحقيقته.
الحكمة معرفة الوجود الحق ، والوجود الحق واجب الوجود بذاته ، فالحكيم هو من عنده علم واجب الوجود (20 ا) بالكمال وكل ما سوى واجب الوجود بذاته
Page 61