La nourriture dans l'ancien monde
الطعام في العالم القديم
Genres
لا يعجبني من يتحدث وهو يحتسي قدح النبيذ بجوار وعاء المزج المملوء، ويحكي عن الصراعات والمشاجرات الكئيبة، بل يعجبني من يمزج الهبات البهية التي تمن بها ربات الإلهام وأفروديت ومن يدرك دوما قيمة اللهو والمرح. (أناكريون، ترجمه إلى الإنجليزية: جوليك)
تعالي يا إلهة الحب وصبي برقة من الأقداح الذهبية الرحيق المخلوط الذي سنتناوله في لهونا. (سافو، ترجمه إلى الإنجليزية: جوليك)
يركز الكثير من الشعر الغنائي وشعر الرثاء القديم على التوازن المطلوب في جلسة الشراب بين السكر والتسلية وسط الجماعة. ويهتم هذا الشعر أيضا بالتضامن الجماعي والاشتراك في نفس الإطار الأخلاقي، وتجنب الشجار والقصص المتعلقة بالشقاق. ونجد اهتماما كبيرا بالصفاء الشعائري والنفسي في قصيدة كزينوفانيس؛ وكانت مناسبة كتابة هذه القصيدة أيضا مثار جدل كبير. وأحيانا يكون إطار القصيدة دينيا على نحو واضح، كما في الشذرة المأخوذة من قصيدة للشاعرة سافو، التي تستحضر إلها. وغالبا ما يكون إطار القصيدة عبارة عن جماعة من الندماء في جلسة شراب - كما في شعر كزينوفانيس وقصائد الرثاء التي كتبها ثيوجنيس - يخاطبون شابا اسمه سيرنوس، ويحثون هذا الشاب على اتباع الطريق «القويم» لتجنب الخلاف السياسي السائد في الطبقات الدنيا في المدينة.
فليحتفظ الرجل باتزانه بين حاضري المأدبة الآخرين، وليبد وكأن كل شيء يغيب عن انتباهه وكأنه ليس بينهم، وليلق بالنكات، ولكن عند خروجه فليكن ثابتا ومدركا لطبع كل فرد من الحاضرين. (ثيوجنيس 309-312، ترجمه إلى الإنجليزية: جربر)
والكلمة التي تطلق على حاضري المأدبة الآخرين هي «سوسيتيوي»، وهي نفس الكلمة المستخدمة لوصف حاضري المأدبة الإسبرطيين. تحاول الجماعة أن تحافظ على الترابط الاجتماعي عن طريق طقوس تناول الطعام واحتساء الخمور المشتركة؛ ومن ثم تحافظ ضمنيا على أيديولوجية مشتركة. والنصيحة المتعلقة باحتساء الخمور هي كما يأتي (473-496):
فليقف أحد العبيد على أهبة الاستعداد ويصب النبيذ لكل من يريد أن يشرب؛ فلن يتأتى لنا أن نحظى بوقت لطيف كل ليلة. ولكن سأعود إلى منزلي - فقد نلت كفايتي من النبيذ الحلو حلاوة العسل - وسأفكر في النوم، فهو يفرج الهموم. لقد وصلت إلى المرحلة التي يصبح فيها احتساء النبيذ ممتعا للغاية، ما دمت لست صاحيا ولا سكران أكثر مما ينبغي. إن كل من يفرط في احتساء الخمر لا يصبح متحكما في لسانه أو عقله، فهو يتفوه بكلام غليظ يراه غير الثمل شائنا، ولا يخجل من أي شيء يقوله حين يكون سكرانا؛ فمن قبل كان راشدا ولكن يصبح بعدئذ أحمق. وبعد أن أدركت هذا كله، تجنب الإفراط في احتساء الخمر، وانهض قبل أن تسكر - لا تدع بطنك يسيطر عليك وكأنك عامل أجير بائس - أو ابق في المكان دون احتساء الخمر. ولكنك تقول: «املأ قدحي!» فهذا هو اللغو الفارغ الذي تتفوه به دائما؛ ولهذا تسكر. فتشرب قدحا نخب الصداقة، ويوضع أمامك قدح آخر، وتقدم أنت قدحا آخر كطقس لإراقة الخمر من أجل الآلهة، وتشرب قدحا آخر كغرامة، وتعجز عن الرفض. ذلك الرجل هو البطل حقا الذي لا يتفوه بكلام أحمق بعد احتساء الكثير من الأقداح. إذا ظللت بجوار وعاء المزج، فتحدث حديثا لطيفا وتجنب المشاجرات مع الآخرين، وتحدث بأسلوب يخلو من التحفظ مع الجميع على حد سواء؛ وهكذا تصبح جلسة الشراب لا بأس بها. (ترجمه إلى الإنجليزية: جربر)
ويذكرنا البعد الأخلاقي لهذه الكلمات بالفقرة المأخوذة من شعر كزينوفانيس التي استشهدنا بها فيما سبق، ويسبق الكثير من الفقرات التي ظهرت لاحقا في المسرح الكوميدي وفي مواضع أخرى، والتي تعبر عن مخاطر الإفراط في احتساء الخمر والإخفاق في تحقيق التوازن الدقيق بين احتساء الخمر في جو من الود، وبين السكر الطائش (أثينايوس، ويلكنز 2000).
وكانت المناسبات التي تشهد إلقاء هذا النوع من الشعر متباينة؛ فهذا الشعر عادة ما كان مخصصا للإلقاء بين جماعة، أفرادها من الطبقة الراقية الثرية غالبا. وكانت تتلى أشعار الرثاء العسكري التي نظمها تيرتايوس - حسبما نقرأ (أريستوزينوس، يستشهد به أثينايوس) - في أزمنة الحرب. أما فيلوكوروس من أثينا - (أثينايوس) - فيقول إن شعر تيرتايوس كان مؤثرا في إحراز الإسبرطيين للنصر إلى درجة أنهم:
سنوا هذه العادة في حملاتهم العسكرية؛ فبعد أن يفرغوا من تناول عشائهم وينشدوا ترنيمة الحمد، كانوا ينشدون أبياتا من شعر تيرتايوس، وكان قائدهم الأعلى هو الحكم ويكافئ الرابح بمنحه قطعة لحم. (ترجمه إلى الإنجليزية: جوليك)
وفيما يتعلق بالظروف المحيطة بالأداء، راجع للاستزادة ويست (1974)، وبووي (1986)، وجنتيلي (1988). كان الكثير من هذه القصائد يتناول الحياة المشتركة للمواطنين، مثل الحرب والاضطرابات الأهلية ومخاطر البحر؛ فمثلا: تجمع قصيدة قديمة من تأليف أركيلوكوس - الشذرة 4 ويست - بين طقوس الرسم واحتساء النبيذ مع حارس ليلي على متن سفينة (بووي 1986: 16).
Page inconnue