17

Tabsirat Hukkam

تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام

Maison d'édition

مكتبة الكليات الأزهرية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1406 AH

Lieu d'édition

مصر

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إذَا كَانَ هُنَاكَ عَالِمٌ خَفِيَ عِلْمُهُ عَنْ النَّاسِ فَأَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يُشْهِرَهُ بِوِلَايَةِ الْقَضَاءِ لَيُعَلِّمَ الْجَاهِلَ وَيُفْتِي الْمُسْتَرْشِدَ أَوْ كَانَ هُنَاكَ خَامِلُ الذِّكْرِ لَا يَعْرِفُهُ الْإِمَامُ وَلَا النَّاسُ فَأَرَادَ السَّعْيَ فِي الْقَضَاءِ لِيُعْرَفَ مَوْضِعُ عِلْمِهِ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَحْصِيلُ ذَلِكَ وَالدُّخُولُ فِيهِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ. قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَقَدْ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يَرَى أَنَّهُ أَنْهَضُ بِهِ وَأَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ آخَرَ تَوَلَّاهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ التَّوْلِيَةَ، وَلَكِنَّهُ مُقَصِّرٌ عَنْ هَذَا. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ سَعْيُهُ فِي طَلَبِ الْقَضَاءِ لِتَحْصِيلِ الْجَاهِ وَالِاسْتِعْلَاءِ عَلَى النَّاسِ فَهَذَا يُكْرَهُ لَهُ السَّعْيُ، وَلَوْ قِيلَ: إنَّهُ يَحْرُمُ كَانَ وَجْهُهُ ظَاهِرًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: ٨٣] وَيُكْرَهُ أَيْضًا إذَا كَانَ غَنِيًّا عَنْ أَخْذِ الرِّزْقِ عَلَى الْقَضَاءِ وَكَانَ مَشْهُورًا لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُشْهِرَ نَفْسَهُ وَعِلْمَهُ بِالْقَضَاءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْحَقَ هَذَا بِقِسْمِ الْمُبَاحِ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يَسْعَى فِي طَلَبِ الْقَضَاءِ وَهُوَ جَاهِلٌ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ، أَوْ يَسْعَى فِيهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَكِنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِمَا يُوجِبُ فِسْقَهُ، أَوْ كَانَ قَصْدُهُ بِالْوِلَايَةِ الِانْتِقَامَ مِنْ أَعْدَائِهِ أَوْ قَبُولَ الرِّشَا مِنْ الْخُصُومِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ، فَهَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّعْيُ فِي الْقَضَاءِ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ] وَمَا يُسْتَفَادُ بِهَا مِنْ النَّظَرِ فِي الْأَحْكَامِ وَمَا لَيْسَ لِلْقَاضِي النَّظَرُ فِيهِ وَمَرَاتِبُ الْوِلَايَاتِ الَّتِي تُفِيدُ أَهْلِيَّةَ الْقَضَاءِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَمَّا وِلَايَةُ الْقَضَاءِ فَقَالَ الْفَرَّاءُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ مُتَنَاوِلَةٌ لِلْحُكْمِ لَا يَنْدَرِجُ فِيهَا غَيْرُهُ. وَقَالَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي السِّيَاسَةُ الْعَامَّةُ لَا سِيَّمَا الْحَاكِمُ الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّنْفِيذِ، كَالْحَاكِمِ الضَّعِيفِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُلُوكِ الْجَبَابِرَةِ فَهُوَ يُنْشِئُ الْإِلْزَامَ عَلَى الْمَلِكِ الْعَظِيمِ وَلَا يَخْطُرُ لَهُ تَنْفِيذُهُ لِتَعَذُّرِ

1 / 17