La Vision
التبصرة
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
الْكَلامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ
إِخْوَانِي: السَّعِيدُ مَنِ اعْتَبَرَ، وَتَفَكَّرَ فِي الْعَوَاقِبِ وَنَظَرَ، أَضَرَّ الْخَلِيلَ مَا عَلَيْهِ جَرَى وَهَذِهِ مَدَائِحُهُ كَمَا تَرَى، مَنْ صابر الهوى ربح واستفاد، ومن غفل فإنه الْمُرَادُ.
(يَا فُؤَادِي غَلَبْتَنِي عِصْيَانًا ... فَأَطِعْنِي فَقَدْ عصيت زمانا)
(يا فؤادي أما تحن طوبى إلى ... إِذَا الرِّيحُ حَرَّكَتْ أَغْصَانَا)
(مِثْلُ الأَوْلِيَاءِ فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ ... إِذَا مَا تَقَابَلُوا إِخْوَانَا)
(قَدْ تَعَالَوْا عَلَى أَسِرَّةِ دُرٍّ ... لابِسِينَ الْحَرِيرَ وَالأُرْجُوَانَا)
(وَعَلَيْهِمْ تِيجَانُهُمْ وَالأَكَالِيلُ ... تُبَاهِي بِحُسْنِهَا التِّيجَانَا ...)
(ثُمَّ آووا فاستقبلتهم حسان ... من بنات النعيم فقن الْحِسَانَا)
(بِوُجُوهٍ مِثْلِ الْمَصَابِيحِ نُورًا ... مَا عَرَفْنَ الظِّلالَ وَالأَكْنَانَا)
(فَهُمُ الدَّهْرَ فِي سُرُورٍ عَجِيبٍ ... وَيَزُورُونَ رَبَّهُمْ أَحْيَانَا)
يَا غَافِلِينَ عَمَّا نَالُوا، مِلْتُمْ عَنِ التَّقْوَى وَمَا مَالُوا، مَا أَطْيَبَ ليلهم في المناجاة، وما أقربهم من طريق النَّجَاةِ.
كَانَ بِشْرٌ الْحَافِي طَوِيلَ السَّهَرِ يَقُولُ: أَخَافُ أَنْ يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَأَنَا نَائِمٌ.
كَمْ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ شَهْوَةٍ فَمَا أَنَالَهَا، حَتَّى سَمِعَ كُلْ يَا مَنْ لَمْ يَأْكُلْ لِمَا أَتَى لَهَا، كَمْ حَمَلَ عَلَيْهَا حِمْلا ومارثى لَهَا، كَمْ هَمَّتْ بِنَيْلِ غَرَضٍ بَدَا لَهَا لَمَّا خَافَتْ عُقْبَى مَرَضٍ يَنَالُهَا، أَصْبَحَ زَاهِدًا وَأَمْسَى عَفِيفًا، مَا أَخَذَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا طَفِيفًا، وَمَا خَرَجَ عَنْهَا إِلا نَظِيفًا، هَذَا وَكَمْ وَجَدَ مِنَ الدُّنْيَا سَعَةً وَرِيفًا، تَقَلَّبَ فِي ثِيَابِ الصَّبْرِ نَحِيفًا، وَتَوَغَّلَ فِي طَرِيقِ التَّقْوَى لَطِيفًا تَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ رَأْيُهُ حَصِيفًا، وَمَا قَدَرَ حَتَّى أَعَانَهُ الرَّحْمَنُ ﴿وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضعيفا﴾ .
(بَكَتْ عَيْنُهُ رَحْمَةً لِلْبَدَنِ ... فَعَفَى الْبُكَاءُ مَكَانَ الوسن)
1 / 118