45

La Vision

التبصرة

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

إِخْوَانِي: لَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مُلاحَظَتَهُ بِالْبَصَرِ، وَإِنَّمَا هُوَ التَّفَكُّرُ فِي قُدْرَةِ الصَّانِعِ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الدقاق، أنبأنا أبو الحسين ابن بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: " تَفَكُّرُ لَحْظَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ ". وَقِيلَ لَهَا: مَا كَانَ أَفْضَلَ عَمَلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ؟ قَالَتِ: التَّفَكُّرُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَكْعَتَانِ مُقْتَصَدِتَانِ فِي تَفَكُّرٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَا زَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَعُودُونَ بِالتَّفَكُّرِ عَلَى التَّذَكُّرِ، وَبِالتَّذَكُّرِ عَلَى التَّفَكُّرِ، وَيُنَاطِقُونَ الْقُلُوبَ حَتَّى نَطَقَتْ، فَإِذَا لَهَا أَسْمَاعٌ وَأَبْصَارٌ، فَنَطَقَتْ بِالْحِكْمَةِ وَضَرَبَتِ الأَمْثَالَ، فَأَوْرَثَتِ الْعِلْمَ. وَقَالَ: الْفِكْرُ مِرْآةٌ تُريك حَسَنَاتِكَ وَسَيِّئَاتِكَ. وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ كَلامُهُ حِكْمَةً فَهُوَ لَغْوٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ تَفَكُّرًا فَهُوَ سَهْوٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ نَظَرُهُ اعْتِبَارًا فَهُوَ لَهْوٌ. وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يتكبرون﴾ قَالَ: أَمْنَعُ قُلُوبَهُمْ مِنَ التَّفَكُّرِ فِي أَمْرِي. وكان لقمان يجلس وحده ويقول: طول الوحدة أفهم للتفكر، وطول التفكر دَلِيلٌ عَلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ منبه: ما طالت فكرة امرىء قَطُّ إِلا عَلِمَ، وَلا عَلِمَ إِلا عَمِلَ. وَبَيْنَمَا أَبُو شُرَيْحٍ الْعَابِدُ يَمْشِي جَلَسَ فَتَقَنَّعَ بِكِسَائِهِ وَجَعَلَ يَبْكِي، فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: تَفَكَّرْتُ فِي ذَهَابِ عُمْرِي وَقِلَّةِ عَمَلِي واقتراب أجلي!.

1 / 65