40

La Vision

التبصرة

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

فَقَالَ الْمَلَكُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. قَالَ أَعْلَمُ مَا حَاجَتُكَ. تُكَلِّمُنِي فِي إِدْرِيسَ وَقَدْ مُحِيَ اسْمُهُ مِنَ الصَّحِيفَةِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِهِ إِلا نِصْفُ طَرْفَةِ عَيْنٍ! فَمَاتَ إِدْرِيسُ بَيْنَ جَنَاحَيِ الْمَلَكِ. رَوَاهُ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ إِدْرِيسَ مَشَى يَوْمًا فِي الشَّمْسِ فَأَصَابَهُ وَهَجُهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ خَفِّفْ ثِقَلَهَا عَمَّنْ يَحْمِلُهَا. فَأَصْبَحَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِالشَّمْسِ وَقَدْ وَجَدَ مِنْ خِفَّتِهَا مَا لَمْ يَعْرِفْ. فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ عَبْدِي إِدْرِيسَ سَأَلَنِي أَنْ أُخَفِّفَ عَنْكَ حِمْلَهَا فَأَجَبْتُهُ. فَقَالَ: يَا رَبِّ اجْمَعْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَاجْعَلْ بَيْنَنَا خُلَّةً. فَأَذِنَ لَهُ فَأَتَاهُ فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُ إِدْرِيسُ: اشْفَعْ لِي إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ أَنْ يُؤَخِّرَ أَجَلِي. قَالَ: إن اللَّهِ تَعَالَى لا يُؤَخِّرُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا، وَلَكِنْ أُكَلِّمُهُ فِيكَ، فَمَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَفْعَلَ فَعَلَ. ثُمَّ حَمَلَهُ الْمَلَكُ عَلَى جَنَاحِهِ فَوَضَعَهُ عِنْدَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ، ثُمَّ أَتَى مَلَكَ الْمَوْتِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَيْسَ ذَاكَ إِلَيَّ، وَلَكِنْ إِنْ أَحْبَبْتَ أَعْلَمْتُهُ مَتَى يَمُوتُ. فَنَظَرَ فِي دِيوَانِهِ فَقَالَ: إِنَّكَ كَلَّمْتَنِي فِي إِنْسَانٍ مَا أَجِدُهُ يَمُوتُ إِلا عِنْدَ مَطْلَعِ الشَّمْسِ. قَالَ: فَإِنَّهُ هُنَاكَ قَالَ: انْطَلِقْ فَمَا تَجِدُهُ إِلا مَيِّتًا. رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَعْبٍ ﵄. وَقَالَ عُلَمَاءُ السِّيَرِ: وَكَانَ إِدْرِيسُ قَدْ أَوْصَى قَبْلَ رَفْعِهِ إِلَى وَلَدِهِ متوشلَخَ، وَكَانَ وَلَدًا صَالِحًا. وَوُلِدَ لِمتوشلَخَ لَمَكُ، وَوُلِدَ لِلَمَكَ نُوحٌ ﵇. وَكَانَ مِنَ الملوك في زمن إدريس طهمورت مَلِكُ الأَقَالِيمِ كُلِّهَا، وَنَفَى الأَشْرَارَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَاتَّخَذَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ والكلاب لحفظ الموشي، وَاسْتَمَرَّتْ أَحْوَالُهُ عَلَى الصَّلاحِ: ثُمَّ مَلَكَ أَخُوهُ " جم شيدُ " وَتَفْسِيرُ جم شيدَ: سَيِّدُ الشُّعَاعِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ كَانَ وَضِيئًا جَمِيلا، فَمَلَكَ الأَقَالِيمَ كُلَّهَا وَسَارَ السِّيرَةَ الْجَمِيلَةَ، وَابْتَدَعَ عَمَلَ السُّيُوفِ وَالسِّلاحِ وَصَنْعَةَ الْقَزِّ، وَجَعَلَ النَّاسَ أَرْبَعَ طَبَقَاتٍ: طَبَقَةً مُقَاتِلَةً، وَطَبَقَةً فُقَهَاءَ، وَطَبَقَةً كُتَّابًا وَصُنَّاعًا وَحَرَّاثِينَ، وَطَبَقَةً خَدَمًا. وَعَمِلَ أَرْبَعَ خَوَاتِيمَ: خَاتَمًا لِلْحَرْبِ وَالشُّرَطِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: الأَنَاةُ.

1 / 60