33

La Vision

التبصرة

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

عِلْمِي بِنَفْسِي قَرَّحَ فُؤَادِي وَكَلَمَ كَبِدِي، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْنِي. فَقِيلَ [لَهَا]: ارْفُقِي بِنَفْسِكَ. فَقَالَتْ: إِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ [قَلائِلُ] تُسْرِعُ، مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ الْيَوْمَ لَمْ يُدْرِكْهُ غَدًا. ثُمَّ قَالَتْ: يَا إِخْوَتَاهُ لأُصَلِّيَنَّ للَّهِ مَا أَقَلَّتْنِي جَوَارِحِي، وَلأَصُومَنَّ لَهُ أَيَّامَ حَيَاتِي، وَلأَبْكِيَنَّ مَا حَمَلَتِ الْمَاءَ عَيْنَايَ، أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَأْمُرَ عَبْدَهُ بِأَمْرٍ فَيُقَصِّرَ! فَهَذِهِ وَاللَّهِ صِفَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَهَذِهِ خِصَالُ الْمُبَادِرِينَ، فَانْتَبِهُوا يَا غَافِلِينَ. (دَارُكَ فَمَا عُمْرُكَ بِالْوَانِي ... وَلا تَثِقْ بِالْعُمْرِ الْفَانِي) (يَأْتِي لَكَ الْيَوْمُ بِمَا تَشْتَهِي ... فِيهِ وَلا يَأْتِي لَكَ الثَّانِي) (وَيَأْمُلُ الْبَانِي بَقَاءَ الَّذِي ... يَبْنِي وَقَدْ يُخْتَلَسُ الْبَانِي) (تُصْبِحُ فِي شَأْنٍ بِمَا تَقْتَنِي ... الآمَالَ وَالأَيَّامُ فِي شَانِ) (فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْحَقِّ مُسْتَبْصِرًا ... إِنْ كُنْتَ ذَا عَقْلٍ وَعِرْفَانِ) (هَلْ نَالَ مِنْ جَمَّعَ أَمْوَالَهُ ... يَوْمًا سِوَى قَبْرٍ وَأَكْفَانِ) (أَلَيْسَ كِسْرَى بَعْدَمَا نَالَهُ ... زُحْزِحَ عَنْ قَصْرٍ وَإِيوَانِ) ([وَعَادَ فِي حُفْرَتِهِ خَالِيًا ... بِتُرْبَةٍ يَبْلَى وَدِيدَانِ]) (كَمْ تَلْعَبُ الدُّنْيَا بِأَبْنَائِهَا ... تَلاعُبَ الْخَمْرِ بِنَشْوَانِ) (وَالنَّاسُ فِي صُحْبَتِهَا ضِحْكَةٌ ... قَدْ رَفَضُوا الْبَاقِي بِالْفَانِي) (وَهُمْ نِيَامٌ عَنْ مَلَمَّاتِهَا ... تُبْصِرُهُمْ فِي زِيِّ يَقْظَانِ) ( سَجْعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى) : ﴿الَّذِينَ ينفقون في السراء والضراء﴾ أَيْ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ صَدَقُوا فِي الْمَحَبَّةِ وَالْوَلاءِ، وَصَبَرُوا عَلَى نُزُولِ الْبَلاءِ، وَقَامُوا فِي دَيَاجِي الظَّلْمَاءِ، يَشْكُرُونَ [عَلَى] سَوَابِغِ النَّعْمَاءِ، فَجَرَتْ دُمُوعُ جُفُونِهِمْ جَرَيَانَ الْمَاءِ،

1 / 53