La Vision
التبصرة
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
عَنْ فَرَحِ سَاعَةٍ بِطُولِ حُزْنِهِ، يَا مُسْخِطًا للخالق لأجل المخلوق ضلالًا لإفنه، أمالك عِبْرَةٌ فِيمَنْ ضُعْضِعَ مَشِيدُ رُكْنِهِ، أَمَا رَأَيْتَ رَاحِلا عَنِ الدُّنْيَا يَوْمَ ظَعْنِهِ، أَمَا تَصَرَّفَتْ فِي مَالِهِ أَكُفُّ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ، أَمَا انْصَرَفَ الأَحْبَابُ عَنْ قَبْرِهِ حِينَ دَفْنِهِ، أَمَا خَلا بِمَسْكَنِهِ فِي ضِيقِ سِجْنِهِ، تَنَبَّهَ وَاللَّهِ مَنْ وَسَنِهِ لِقَرْعِ سِنِّهِ، وَلَقِيَ فِي وَطَنِهِ مَا لَمْ يَخْطُرْ عَلَى ظِنِّهِ، يَا ذِلَّةَ مَقْتُولِ هَوَاهُ يَا خُسْرَانَ عَبْدِ بَطْنِهِ.
(يَا لَيْتَ شِعْرِي مَا ادَّخَرْتَ ... لِيَوْمِ بُؤْسِكَ وافتقارك)
(فلتنزلوا بِمَنْزِلٍ ... تَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى ادِّخَارِكَ)
(أَفْنَيْتَ عُمْرَكَ بِاغْتِرَارِكْ ... وَمُنَاكَ فِيهِ بِانْتِظَارِكْ)
(وَنَسِيتَ مَا لا بُدَّ مِنْهُ ... وَكَانَ أَوْلَى بِادِّكَارِكْ)
(وَلَوِ اعْتَبَرْتَ بِمَنْ مَضَى ... لَكَفَاكَ عِلْمًا بِاعْتِبَارِكْ)
(لَكَ سَاعَةٌ تَأْتِيكَ مِنْ ... سَاعَاتِ لَيْلِكَ أَوْ نَهَارِكْ)
(فَتَصِيرُ مُحْتَضَرًا بِهَا ... فَتَهِي مِنْ قَبْلِ احْتِضَارِكْ)
(مَنْ قَبْلِ أَنْ تُقْلَى وَتُقْصَى ... ثُمَّ تُخْرَجُ مِنْ دِيَارِكْ)
(مَنْ قَبْلِ أَنْ تَتَشَاغَلَ الزُّوَّارُ ... عَنْكَ وَعَنْ مَزَارِكْ)
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ، حَدَّثَنَا الْخُلْدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَسْرُوقٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ: أَوْصِنِي. فَدَمِعَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ: يَا أَخِي إِنَّمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ مَرَاحِلُ يَنْزِلُهَا النَّاسُ مَرْحَلَةً بَعْدَ مَرْحَلَةٍ، حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ سَفَرِهِمْ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُقَدِّمَ كُلَّ يَوْمٍ زَادًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْكَ فَافْعَلْ، فَإِنَّ انْقِطَاعَ السَّفَرِ عَنْ قَرِيبٍ وَالأَمْرَ أَعْجَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَتَزَوَّدْ لِنَفْسِكَ وَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ، فَكَأَنَّكَ بِالأَمْرِ قَدْ بَغَتَكَ، إِنِّي لأَقُولُ لَكَ هَذَا وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَشَدَّ تَقْصِيرًا مِنِّي!! ثم قام وتركه.
(يا لاهيًا بالمنايا قد غَرَّهُ الأَمَلُ ... وَأَنْتَ عَمَّا قَلِيلٍ سَوْفَ تَرْتَحِلُ)
(تَبْغِي اللُّحُوقَ بِلا زَادٍ تُقَدِّمُهُ ... إِنَّ الْمُخِفِّينَ لَمَّا شَمَّرُوا وَصَلُوا)
(لا تَرْكَنَنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا ... فَأَنْتَ مِنْ عَاجِلِ الدُّنْيَا سَتَنْتَقِلُ)
1 / 49