La Vision
التبصرة
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
فَكَشَفْتَ عَنْهُ الْبَلاءَ إِلا مَا رَحِمْتَ وَلَدِي وَوَهَبْتَ لِي ذَنْبَهُ. وَسَمِعَ الْحَسَنُ هَاتِفًا يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ رَحِمَ الْفَتَى وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَحَضَرَ الْحَسَنُ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ جِنَازَتَهُ.
يَا أَهْلَ الذُّنُوبِ لا يَغُرَّنَّكُمُ الإِمْهَالُ فَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ وَلَيَالٍ، رُبَّ مَشْغُولٍ بِلَذَّاتِهِ عَنْ ذِكْرِ تَخْرِيبِ ذَاتِهِ، يَلْهُو بِأَمَلِهِ عَنْ تَجْوِيدِ عَمَلِهِ، يَتَقَلَّبُ فِي أَغْرَاضِهِ نَاسِيًا قُرْبَ إمراضه، بغته الفاجع بباسه فأخذ عَنْ أَهْلِهِ وَجُلاسِهِ.
سَجْعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
﴿ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل﴾ كَمْ مَأْخُوذٍ عَلَى الزَّلَلِ خُتِمَ لَهُ بِسُوءِ الْعَمَلِ، نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَيَا هَوْلَ مَا نَزَلَ، فَأَسْكَنَهُ الْقَبْرَ فَكَأَنْ لَمْ يَزَلْ، وَهَذَا مَصِيرُ الْغَافِلِ لَوْ غَفَلَ ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا ويلههم الأمل﴾ .
كَمْ نَائِمٍ عَلَى فِرَاشِ التَّقْصِيرِ، مُغْتَرٌّ بِعُمْرٍ قَصِيرٍ، صَاحَ بِهِ فَلَمْ يُبَالِ النَّذِيرَ، فَاسْتَلَبَهُ الْخَطَأُ وَالتَّبْذِيرُ، فَلَمَّا أَحَسَّ الْبَاسَ ثَارَتْ مِنْ نِيرَانِ النَّدَمِ شُعَلٌ ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأمل﴾ .
كَمْ مُسْتَحِلٍّ شَرَابَ الْهَوَى شَرِبَ مِنْ كَأْسِهِ حَتَّى ارْتَوَى، بَيْنَا هُوَ عَلَى جَادَّةِ إِعْرَاضِهِ هَوَى، فَمَا نَفَعَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مَا حَوَى، وَلا مَا شَرِبَ وَلا مَا أَكَلَ ﴿ذَرْهُمْ يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل﴾ .
لا تَغْتَرِرْ بِنَعِيمِ الْقَوْمِ، فَإِنَّ غَدًا بَعْدَ الْيَوْمِ، دَعْهُمْ فَمَا يُؤْثَرُ فِيهِمُ اللَّوْمُ، وَهَلْ ينفع التحريك مَيِّتًا وَهَلْ ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ﴾ .
يَجْمَعُونَ الْحُطَامَ بِكَسْبِ الْحَرَامِ، وَيَتَفَكَّرُونَ فِي نَصْبِ شَرَكِ الآثَامِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، يَرْقُدُونَ فِي اللَّيْلِ وَفِكْرُهُمْ فِي الْوَيْلِ طَوِيلٌ لا يَنَامُ، وَالأَقْدَامُ فِيمَا لا يَحِلُّ إِقْدَامٌ تَسْعَى فِي هَوَاهَا سَعْيَ الرَّمَلِ ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ﴾ .
مَا عِنْدَهُمْ خَبَرٌ مِنَ السَّاعَةِ، وَالْعُمْرُ يَمْضِي سَاعَةً فَسَاعَةً، خَسِرُوا فِي أَشْرَفِ
1 / 266