243

La Vision

التبصرة

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

(لا بُدَّ لِلإِنْسَانِ مِنْ ضَجْعَةٍ ... لا تَقْلِبُ الْمُضْجَعَ عَنْ جَنْبِهِ)
(يَنْسَى بِهَا مَا كَانَ مِنْ عُجْبِهِ ... بِمَا أَذَاقَ الْمَوْتُ مِنْ كَرْبِهِ)
(نَحْنُ بَنُو الْمَوْتَى فَمَا بَالُنَا ... نَعَافُ مَا لا بُدَّ مِنْ شُرْبِهِ)
(يَمُوتُ رَاعِي الضَّأْنِ فِي جَهْلِهِ ... مَوْتَةَ جَالِينُوسَ فِي طِبِّهِ)
(وَرُبَّمَا زَادَ عَلَى عُمْرِهِ ... وَزَادَ فِي الأَمْنِ عَلَى سِرْبِهِ)
(وَغَايَةُ الْمُفَرِّطِ فِي سَلْمِهِ ... كَغَايَةِ الْمُفَرِّطِ فِي حَرْبِهِ)
كَأَنَّكَ بِكَ وَقَدْ مَدَّ كَفَّهُ إِلَيْكَ الْمُخَالِسُ، وَافْتَرَسَكَ أَجَلٌ كَمْ قَدْ فَرَى فِي الْفَرَائِسِ، وَحَلَلْتَ بِقَاعِ الْبِلَى فَخَلَتْ مِنْكَ الْمَجَالِسُ، وَنَفَرَ وَبَعُدَ عَنْكَ الصَّدِيقُ الصَّدُوقُ وَالْوَدُودُ الْمُجَانِسُ، وَتَرَكَ زِيَارَتَكَ مَنْ كَانَ لَكَ فِي الْوَحْدَةِ يُؤَانِسُ، وَحُبِسْتَ فِي ضَنْكٍ ضَيِّقٍ مِنَ الْمَحَابِسِ، وَأَصْبَحَ رَبْعُكَ بَعْدَ بُعْدِكَ وَهُوَ خَالٍ دَارِسُ، وَنَزَلْتَ لَحْدَكَ وَحْدَكَ فِي ظُلْمِ الْحَنَادِسِ، وبكى الأهل ساعة والرؤوس لِلنَّوَى نَوَاكِسُ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى الْحِلَّةِ وَكُلٌّ فِي حِلِّهِ آيِسٌ، وَانْطَلَقُوا فَأَطْلَقُوا أَمْوَالَكَ الْحَبَائِسَ، وَأَنْتَ تَتَمَنَّى الْعَوْدَ كَلا وَالْعُودُ يَابِسٌ، وَلَقِيتَ قَرْنًا مِنَ الرَّدَى فَيَا شِدَّةَ الْمُتَشَاوِسِ، وَتَعَوَّضْتَ الرَّغَامَ عَلَى الرَّغَمِ وَالثَّرَى بِالثَّرَى بَعْدَ الْمَلابِسِ، فَيَا بُؤْسَ هَذَا الْمَلْبُوسِ وَيَا ذُلَّ هَذَا اللابِسِ، فَلَوِ اطُّلِعَ عَلَيْكَ بَعْدَ يَوْمٍ خَامِسٍ
أَوْ سَادِسٍ لَرُئِيَ أَثَرٌ بَعْدَ عَيْنٍ قَدْ غَيَّرَتْهُ الطَّوَامِسُ، وَجَاءَكَ مُنْكَرُ وَنَكِيرُ فَخَبِّرْ عَنْ حَرْبِ الْبَسُوسِ وَدَاحِسَ، وَبَقِيتَ حَدِيثًا يَجْرِي عَلَى مَرِّ الْمَدَى فِي الْمَدَارِسِ، فَاغْتَنِمْ حَيَاتَكَ قَبْلَ الْمَمَاتِ فَأَنْفَاسُ النُّفُوسِ نَفَائِسُ، يَا ذَا الأَمَلِ الطَّوِيلِ كَمْ آذَى حَدِيثُ الْوَسَاوِسِ، يَا مُنَاغِيَ الْمُنَى وَدِّعْ هَذِهِ الْهَوَاجِسَ، أَيْنَ أَرْبَابَ الْقُصُورِ، هَذِهِ طِوَلُهَا تَمَنْطَقَ بِالْخَرَابِ سُورُهَا فَنَطَقَ مُحِيلُهَا، سُحِبَتْ عَلَى جُيُوبِهَا مِنْ جُنُوبِها ذُيُولُهَا، قُلْ لَهَا أَيْنَ عَامِرُهَا أَمْ أَيْنَ نَزِيلُهَا، يَا كَثِيرَ الأَسْئِلَةِ لَهَا كَمْ تُطِيلُهَا، كَانَتْ فِيهَا جيرة ثم أتى رحيلها، فاليوم تندب أطلالهم وَالْغِرْبَانُ رَسِيلُهَا، مَا رَدَّتْ شَوَاجِرُ الرِّمَاحِ وَلا دَفَعَ صَقِيلُهَا، وَلا مَنَعَتْ تِلْكَ الظِّبَا كَالرَّعْدِ ضليلها، أَمْرٌ لا مَرَدَّ لَهُ مَرَّتْ بِهِ مُرْدُهَا وَكُهُولُهَا، وَتَتَابَعَتْ بِهِ آسَادُهَا فِي بَحْرِ الْهَلاكِ وَشُبُولُهَا، وَعُقِرَتْ فِي جَوَادِ النَّوَى بِسَيْفِ الثَّوَاءِ خيولها،

1 / 263