241

La Vision

التبصرة

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

(يُؤَشَّبُ الْحَافِظُ أَقْفَالُهُ ... وَتَفْتَحُ الآفَاتُ مَا أَشَّبَا)
لقد هلكت في الزمان جديسه وطسمه، وَلَقَدْ ذَهَبَ مَنْ كَانَ وَكَانَ اسْمُهُ، فَلا عَيْنُهُ تَرَى وَلا رَسْمُهُ، ولا جَوْهَرُهُ يُحِسُّ وَلا جِسْمُهُ، تَبَدَّدَ وَاللَّهِ بِالْمَمَاتِ نَظْمُهُ، وَلَحِقَ بالرفات عظمه.
كم طوفوا بالبلاد وَجَوَّلُوا، كَمْ أَوْعَدُوا أَعْدَاءَهُمْ وَهَوَّلُوا، كَمْ جَمَعُوا وكم تخولوا، كم اقتنوا وكم تمولوا، كم طالوا وما تطولوا، والمحنة أنهم على الأمل عَوَّلُوا، فَمَا كَانَ إِلا الْقَلِيلُ وَتَغَوَّلُوا، وَجُمْلَةُ الأَمْرِ أَنَّهُمْ تَحَوَّلُوا، وَاسْتَطَالَتْ عَلَى الْوَرَى عُصَبُ مَا تَطَوَّلُوا، ظَهَرُوا فِي الْبِلادِ عَصْرًا وَطَافُوا وَجَوَّلُوا، خُوِّلُوا نِعْمَةً فَلَمْ يَشْكُرُوا مَا تُخُوِّلُوا، فانظر الآن فيهم أي غول تَغَوَّلُوا، وَأَقَامُوا فَمَا قِيلَ فَازُوا وَلَكِنْ تَحَوَّلُوا.
كم ملأوا سَهْلا وَجَبَلا شَاءً وَإِبِلا، فَلَمَّا سَلَكُوا إِلَى الموت سبلا، وعاينوه يوم الرحيل قبلا، وتهيأوا لِلنُّزُولِ فِي دَارِ الْبِلَى عَلِمُوا أَنْ مَا كانوا فيه عين البلا.
(أطاعوا ذا الخداع وَصَدَّقُوهُ ... وَكَمْ نَصَحَ النَّصِيحُ فَكَذَّبُوهُ)
(وَلَمْ يَرَضَوْا بما سكنوا مشيد ... إِلَى أَنْ فَضَّضُوهُ وَذَهَّبُوهُ)
(أَظَلُّوا بِالْقَبِيحِ فَتَابَعُوهُ ... وَلَوْ أُمِرُوا بِهِ لَتَجَنَّبُوهُ)
(نَهَاهُمْ عَنْ طِلابِ الْمَالِ زُهْدٌ ... فَنَادَى الْحِرْصُ وَيْلَكُمُ اطْلُبُوهُ)
(فَأَلْقَاهَا إِلَى أَسْمَاعِ غُثْرٍ ... إِذَا عَرَفُوا الطَّرِيقَ تَنَكَّبُوهُ)
(وَحَبْلُ الْعِيسِ مُنْتَكَثٌ ضَعِيفٌ ... وَنِعْمَ الرَّأْيُ أَنْ لا يَجْذِبُوهُ)
(حَسِبْتُمْ يَا بَنِي حَوَّا شَقَاءً ... نجاؤكم الذي لم تحسبوه)
(أَدِينُ الشَّرِّ مِنْكُمْ فَاحْذَرُوهُ ... وَمَاتَ الْخَيْرُ فِيكُمْ فَانْدُبُوهُ)
كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: أَسْمَعُ أَصْوَاتًا وَلا أَرَى أَنِيسًا، إِنَّمَا دِينُ أَحَدِهِمْ لَعْقَةٌ عَلَى لِسَانِهِ، وَلَوْ سَأَلْتَهُ: أَتَعْرِفُ يَوْمَ الْحِسَابِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَكَذَبَ وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.

1 / 261