162

La Vision

التبصرة

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

يُوسُفُ أَمَا تَشْتَاقُ أَنْ تَخْرُجَ مَعَنَا فَتَلْعَبَ وَتَتَصَيَّدَ؟ فَقَالَ: بَلَى. قَالُوا: فَسَلْ أَبَاكَ أَنْ يُرْسِلَكَ مَعَنَا، فَاسْتَأْذَنَهُ فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا أَصْحَرُوا أَظْهَرُوا لَهُ مَا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ، فَجَعَلَ كُلَّمَا الْتَجَأَ إِلَى شَخْصٍ مِنْهُمْ آذَاهُ وَضَرَبَهُ، فَلَمَّا فَطِنَ لِمَا عَزَمُوا عَلَيْهِ قَالَ: يا أبتاه يا يعقوب لو رأيت يوسف وما نزل به من إخوته لأحزنك ذلك وأبكاك، يَا أَبَتَاهُ مَا أَسْرَعَ مَا نَسُوا عَهْدَكَ وَضَيَّعُوا وَصِيَّتَكَ. فَأَخَذَهُ روبِيلُ فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ وجثم على صدره ليقتله وقال:
يا بن رَاحِيلَ قُلْ لِرُؤْيَاكَ تُخَلِّصُكَ، وَكَانَ قَدْ رَأَى وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ ساجدين له. فصاح: يا يهوذا حل بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ يُرِيدُ قَتْلِي. فَقَالَ يَهُوذَا: أَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ. فَنَزَعُوا قَمِيصَهُ لإِلْقَائِهِ، فَقَالَ رُدُّوهُ عَلَيَّ أَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتِي وَيَكُونُ كَفَنًا لِي فِي مَمَاتِي.
فَلَمَّا أَلْقَوْهُ أَخْرَجَ اللَّهُ لَهُ حَجَرًا مُرْتَفِعًا مِنَ الْمَاءِ فَاسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ قَدَمَاهُ، وَكَانَ يَعْقُوبُ ﵇ قَدْ أَدْرَجَ قَمِيصَ إِبْرَاهِيمَ ﵇ الَّذِي كَسِيَهُ يَوْمَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ فِي قَصَبَةٍ وَجَعَلَهَا فِي عُنُقِ يُوسُفَ، فَبَعَثَ اللَّهُ ﷿ مَلَكًا فَاسْتَخْرَجَ الْقَمِيصَ فَأَلْبَسَهُ إِيَّاهُ وَأَضَاءَ لَهُ الْجُبَّ وَعَذُبَ مَاؤُهُ وَجَاءَهُ جِبْرِيلُ يُؤْنِسُهُ، فَلَمَّا أَمْسَى نَهَضَ جِبْرِيلُ لِيَذْهَبَ، فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ: إِنَّكَ إِذَا خرجتَ عَنِّي استوحشتُ فَقَالَ إِذَا رَهِبْتَ شَيْئًا فَقُلْ: يَا صَرِيخَ الْمُسْتَصْرِخِينَ وَيَا غَيَّاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، وَيَا مُفَرِّجَ كَرْبِ الْمَكْرُوبِينَ، قَدْ تَرَى مَكَانِي وَتَعْلَمُ حَالِي وَلا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِي. فَلَمَّا قَالَهَا حَفَّتْ بِهِ الْمَلائِكَةُ فَاسْتَأْنَسَ بِهِمْ.
وَذَبَحَ إِخْوَتُهُ جَدْيًا فَلَطَّخُوا بِهِ الْقَمِيصَ، وَقَالُوا أَكَلَهُ الذِّئْبُ، وَمَكَثَ فِي الْجُبِّ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَإِخْوَتُهُ يَرْعَوْنَ حَوْلَهُ، وَيَهُوذَا يَأْتِيهِ بِالْقُوتِ.
فَلَمَّا جَاءَتِ السَّيَّارَةُ تَسْقِي مِنَ الْجُبِّ تَعَلَّقَ بِالْحَبْلِ فَأَخْرَجُوهُ، فَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَقَالُوا: هَذَا عَبْدٌ أَبَقَ مِنَّا. فَبَاعُوهُ مِنْهُمْ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَحُلَّةٍ وَنَعْلَيْنِ.
فَحَمَلُوهُ إِلَى مِصْرَ فَوَقَفُوهُ لِلْبَيْعِ، فَتَزَايَدَ النَّاسُ فِي ثَمَنِهِ، حَتَّى بَلَغَ وَزْنُهُ مِسْكًا وَوَزْنُهُ وَرِقًا وَوَزْنُهُ حَرِيرًا، وَاشْتَرَاهُ بِذَلِكَ قطفيرُ، وَكَانَ أَمِينَ مَلِكِهِمْ وَخَازِنِهِ، وَقَالَ لامْرَأَتِهِ زُلَيْخَا: أَكْرِمِي مَثْوَاهُ. فَرَاوَدَتْهُ فَعُصِمَ مِنْهَا، فَسَجَنَتْهُ إِذْ لَمْ يُوَافِقْهَا،

1 / 182