La Vision
التبصرة
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الطَّائِيُّ، قَالَ حدثني المحاربي، عن ليث، أن عيسى بن مَرْيَمَ ﵇ رَأَى الدُّنْيَا فِي صُورَةِ عَجُوزٍ هَتْمَاءَ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ زِينَةٍ فَقَالَ لَهَا: كَمْ تَزَوَّجْتِ؟ فَقَالَتْ: لا أُحْصِيهِمْ. قَالَ: أو كلهم مَاتَ عَنْكِ أَوْ كُلُّهُمْ طَلَّقَكِ؟ قَالَتْ: بَلْ كُلُّهُمْ قَتَلْتُ. فَقَالَ عِيسَى: بُؤْسًا لأَزْوَاجِكَ الْبَاقِينَ كَيْفَ لا يَعْتَبِرُونَ بِأَزْوَاجِكَ الْمَاضِينَ!
(إِلامَ تُغَرُّ بِالأَمَلِ الطَّوِيلِ ... وَلَيْسَ إِلَى الإِقَامَةِ مِنْ سَبِيلِ)
(فَدَعْ عَنْكَ التَّعَلُّلَ بِالأَمَانِي ... فَمَا بَعْدَ الْمَشِيبِ سِوَى الرَّحِيلِ)
(أَتَأْمَنُ أَنْ تَدُومَ عَلَى اللَّيَالِي ... وَكَمْ أَفْنَيْنَ قَبْلَكَ مِنْ خَلِيلِ)
(وَمَا زَالَتْ بَنَاتُ الدَّهْرِ تُفْنِي ... بَنِي الأَيَّامِ جِيلا بَعْدَ جِيلِ)
للَّهِ دَرُّ أَقْوَامٍ تَرَكُوا الدُّنْيَا فَأَصَابُوا، وسمعوا منادى " والله يدعو " فَأَجَابُوا، وَحَضَرُوا مَشَاهِدَ التُّقَى فَمَا غَابُوا، وَاعْتَذَرُوا مَعَ التَّحْقِيقِ ثُمَّ تَابُوا، وَقَصَدُوا بَابَ مَوْلاهُمْ فَمَا رَدُّوا وَلا خَابُوا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْفَتْحِ، قَالَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ، أَنْبَأَنَا ابْنُ صَفْوَانَ حَدَّثَنَا أَبُو بكرالقرشي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ يَقُولُ: لَمَّا رَأَى الْعَابِدُونَ اللَّيْلَ قَدْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ وَنَظَرُوا إِلَى أَهْلِ الْغَفْلَةِ قَدْ سَكَنُوا إِلَى فُرُشِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى مَلاذِّهِمْ، قَامُوا إِلَى اللَّهِ ﷾ فَرِحِينَ مُسْتَبْشِرِينَ بِمَا قَدْ وَهَبَ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ السَّهَرِ وَطُولِ التَّهَجُّدِ، فَاسْتَقْبَلُوا اللَّيْلَ بِأَبْدَانِهِمْ، وَبَاشَرُوا ظُلْمَتَهُ بِصِفَاحِ وُجُوهِهِمْ، فَانْقَضَى عَنْهُمُ اللَّيْلُ وَمَا انْقَضَتْ لَذَّتُهُمْ
مِنَ التِّلاوَةِ، وَلا مَلَّتْ أَبْدَانُهُمْ مِنْ طُولِ الْعِبَادَةِ، فأصبح الفريقان وقد وَلَّى اللَّيْلُ بِرِبْحٍ وَغَبْنٍ، فَاعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ فِي هَذَا اللَّيْلِ وَسَوَادِهِ، فَإِنَّ الْمَغْبُونَ مَنْ غُبِنَ خير النيا وَالآخِرَةِ، كَمْ مِنْ قَائِمٍ للَّهِ تَعَالَى فِي هَذَا اللَّيْلِ قَدِ اغْتَبَطَ بِقِيَامِهِ فِي ظُلْمَةِ حفرته،
1 / 31