27 (3) ابن سينا (القرن 5ه/11م)
صحح ابن سينا بعض آراء أرسطو، فتوصل لنتائج أدق من نتائج أرسطو. ولعل مرد ذلك إلى أن معرفة ابن سينا وخلفيته العلمية كانت أغزر من معرفة أرسطو؛ فهو طبيب قرأ واستفاد من آراء الكثير من الأطباء والمشرحين الذي جاءوا بعد أرسطو أمثال جالينوس.
28
تتميز حاسة اللمس عند ابن سينا بأنها «تعين على معرفة أن الهواء المحيط بالبدن مثلا محرق أو مجمد.»
29
ومن الأمور التي تحسها هذه الحاسة «الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والخشونة والملاسة والثقل والخفة ... فالحرارة والبرودة كل منهما يحس بذاته، لا لما يعرض في الآلة من الانفعال بها.»
30
أما عن آلية اللمس فيشرحها لنا ابن سينا بأنها مزيج من العضلات والأعصاب، وليس العضلات لوحدها أو الأعصاب لوحده.
قال ابن سينا: «ومن الخواص التي للمس أن الآلة الطبيعية التي يحس بها وهي لحم عصبي أو لحم وعصب تحس بالمماسة، وإن لم يكن بتوسط البتة، فإنه لا محالة يستحيل عن المماسات ذوات الكيفيات، وإذا استحال عنها أحس، ولا كذلك حال كل حاسة مع محسوسها. وليس يجب أن يظن أن الحساس هو العصب فقط، فإن العصب بالحقيقة هو مؤد للحس اللمسي إلى عضو غيره وهو اللحم. ولو كان الحساس نفس العصب فقط لكان الحساس في جلد الإنسان ولحمه شيئا منتشرا كالليف، وكان حسه ليس بجميع أجزائه بل بأجزاء ليفية فيه، بل العصب الذي يحس اللمس مؤد وقابل معا ... فبين إذن أن من طباع اللحم أن يقبل الحس؛ فإن كان يحتاج أن يقبله من مكان آخر ومن قوة عضو آخر توسط بينهما العصب.»
31
Page inconnue