123

Tabrid

التبريد في التراث العلمي العربي

Genres

42

وكانت حراقات دجلة التي يستعملها رجال الدولة في غدوهم ورواحهم يعد فيها الثلج، ويعلق عليها الخيش المبلل بالماء، وكانت ترخى على الخيش ستور الكرابيس. وكان أهل بغداد ينامون في ليل الصيف على أسطحة المنازل.

43

وقد ورد في كتاب «طبقات الأطباء» لابن أبي أصيبعة (توفي 668ه/1270م) الحديث عن قبة الخليفة هارون الرشيد (توفي 193ه/ 809م) المكيفة: «حدث أبو محمد بدر بن أبي إصبع الكاتب قال: حدثني جدي قال: دخلت إلى بختيشوع في يوم شديد الحر وهو جالس في مجلس مخيش بعدة طاقات ريح بينهما طاق أسود، وفي وسطها قبة عليها جلال من قصب، مظهر بدبيقى قد صبغ بماء الورد والكافور والصندل، وعليه جبة يماني سعيدي مثقلة، ومطرف قد التحف به فعجبت من زيه. وحين حصلت معه في القبة نالني من البرد أمر عظيم، فضحك وأمر لي بجب ومطرف، وقال: يا غلام اكشف جوانب القبة فكشفت فإذا أبواب مفتوحة من جوانب الإيوان إلى مواضع مكسوة بالثلج، وغلمان يروحون ذلك الثلج فيخرج منه البرد الذي لحقني.»

44

وهذا يعني أن العملية كانت تتم من خلال تهوية فتحات من قبل غلمان وضع عليها ثلج داخل أكياس من الخيش حتى لا يتحلل بسرعة، وبتوجيه الهواء إلى داخل القبة يصبح مبردا مكيفا. ونتوقع أن درجة الحرارة كانت تصل لأقل من 18° مئوية، وقد كان الهواء معطرا برائحة الورد والكافور والصندل.

طبعا كان جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس (توفي 256ه/870م) طبيبا سريانيا يطبب الخليفة هارون الرشيد والأسرة الحاكمة؛ لذلك فإن هذا المجلس كان خاصا بالميسورين جدا من طبقة الأغنياء والحكام والوزراء وليس بين عامة الناس.

وذكر المقريزي (توفي 845ه/1441م) أن من محاسن أهل مصر أنهم لا يحتاجون في حر الصيف الدخول في جوف الأرض، كما يعانيه أهل بغداد. وكان الأثرياء في ذلك العصر يستعيضون عن دخول السراديب بنصب قبة الخيش أو بيت الخيش. وكانت عادة الأكاسرة أن يطين سقف بيت في كل يوم صائف، فتكون قيلولة الملك فيه، وكان يؤتى بأطباق الخلاف طوالا، فتوضع حول البيت، ويؤتى بقطع الثلج الكبار فتوضع ما بين أضعافها، وكانت هذه عادة الأمويين أيضا.

45

هذه الطريقة سيعيد الطبيب جون غوري

Page inconnue