Les Naturalismes en Théologie: Du Passé au Futur
الطبيعيات في علم الكلام: من الماضي إلى المستقبل
Genres
مسألة فرعية، لتستوعبها الأيديولوجية ببساطة؛ فإن لم تتأهب الأيديولوجيا بقضها وقضيضها لوضعية العالم الطبيعي بالذات، فإنها في هذا العصر تحكم على نفسها بالفناء وتستدعي نوعا من الانتحار الجماعي البطيء في عصر أصبح شعاره - كما قيل بحق: «البقاء للأعلم.»
8
وإن لم تتعايش الأيديولوجيا بجذور وأصول وعمق وهم حقيقي مع التقدم العلمي المتسارع واكتفت باستيراد واستهلاك منتجاته في دوامة لا تحمل إلا الهلاك لموارد الدخل القومي، فلن يعني هذا في النهاية إلا التخلف عن العالمين والسقوط من ركب التقدم، ومعدلات التنمية المنخفضة، لنتسول رغيف الخبز ودواء المرضى ووسيلة الاتصال ... من الدول أو من الأيديولوجيا التي لا تعرف قصورا في النظرة العلمية، وترعرع في أفيائها المنهج الحديث، أو بالأحرى ترعرع تقدمها في أفياء المنهج العلمي. •••
إننا الآن بصدد قضية محورية هي تحديد علاقة الأيديولوجيا بالعلم، وناهيك عن تحقيق العلاقة المثمرة بينها وبين العلم الحديث والمنهج العلمي، وهي ليست قضية بسيطة أو تقبل طرحا مباشرا، فلئن كان ضروريا أن تتأهب الأيديولوجيا دوما للواقع العلمي المتسارع، فإن الأيديولوجيا ذاتها ليست علما ولن تكون، ولعل الانهيار المدوي للأيديولوجيا الماركسية بعد أن أسرفت في التمسح بالمسوح العلمية خير شاهد.
أما ونحن نتحدث عن العلم كما يتمثل في نموذج العلم الطبيعي، فإن هذا يبلور إلى أي حد تقف النظرة العلمية موقف الضد الصريح للنظرة الأيديولوجية، من حيث أن هذه الأخيرة هي التي تؤدي إلى التباين الشديد في الآراء، وتجعل نفس الموضوع يراه الناس بطرق مختلفة جدا،
9
بينما النظرة العلمية تقف في موضوعها على المعامل المشترك بين الذوات أجمعين، وتطرحه بصورة يتفق عليها جميع راصديه، وإلا لما كان طرحا علميا أصلا، فضلا عن أن الأيديولوجيا، كما أوضح
الفصل الأول ، تتضافر مع اليوتوبيا وتصور ما ينبغي أن يكون. والحالة الذهنية تكون يوتوبية أو طوباوية حين تتعارض مع الأمر الواقع الذي تحدث فيه.
10
بينما العلم ينصب فقط على الواقع، وليس له الحق إطلاقا في تجاوزه.
Page inconnue