La nature et au-delà de la nature : la matière, la vie, Dieu
الطبيعة وما بعد الطبيعة: المادة . الحياة . الله
Genres
إدراك الخير والشر يثير في النفس انفعالات أو عواطف شهوانية وغضبية مصحوبة برد فعل في البدن. وهي تترتب على الوجه الآتي؛ الانفعالات الشهوانية: أولا وبالنسبة إلى الخير: المحبة، وهي الميل إلى الخير في ذاته، والشوق وهو الميل إلى الخير الغائب، واللذة وهي السكون في الخير الحاصل؛ ثانيا وبالنسبة إلى الشر: البغض وهو الميل عن الشر في ذاته، والكراهية وهي الميل إلى الشر الغائب، والألم وهو الاضطراب للشر الحاصل. والانفعالات الغضبية: أولا وبالنسبة إلى الخير الغائب: الرجاء أو اليأس؛ ثانيا وبالنسبة إلى الشر الغائب: الجرأة أو الخوف؛ ثالثا وبالنسبة إلى الشر الحاصل: الغضب. والانفعال ظاهرة مشتركة بين الوجداني والبدني، بحيث لو حاولنا أن نجرد شعورنا من الأعراض البدنية لما تبقى لنا سوى فكرة الانفعال: هل يمكن تمثل الغضب دون فوران الدم وتلون الوجه، وانفراج المنخرين وصرير الأسنان، أو تمثل الحزن دون انقباض القلب، وتساقط الدموع وتصعد الزفرات، أو تمثل الخوف دون الرعشة ودق القلب وعسر التنفس؟ هذا الاتحاد بين الوجداني والبدني في الانفعال مثال للاتحاد بين النفس والجسم على العموم؛ ولا يمكن القول بأن الحياتين متوازيتان، وأن هناك سلسلتين من الظواهر متقابلتان، فإن هذا التقابل نفسه يتطلب تفسيرا، وشهادة الوجدان صريحة بأن الإنسان كائن واحد هو هو الذي يغتذي ويحس ويعقل.
وللكائن العارف حواس تدرك الأشياء البعيدة، وله إلى هذه الأشياء نسبة موافقة أو مضادة؛ لذا كان له قوة محركة إما لطلبها أو للهرب منها، بخلاف الجماد الذي يتحرك من خارج دون فعل ذاتي، وبخلاف النبات الذي لا نقلة له البتة. وللقوة المحركة أعضاء انفعالية هي العظام، تستند عليها وتبعثها على الحركة، وأعضاء فاعلية هي العضلات المنقبضة والمنبسطة المتحركة من الأعصاب . وهي تستخدم الطاقة الكيميائية المختزنة بالتغذية؛ وقد لا تستطيع استخدامها في حال الشلل مع وجود انفعال باطن، أو بالأحرى فكرة الانفعال، مما يدل على تمايز القوتين. وحركات القوة المحركة ترجع إلى ثلاثة أنواع: الأول الحركات المنعكسة، وهي انقباضات العضلات والغدد ناشئة مباشرة، دون تدخل فعل إرادي، من تأثير عصبي إما باطن أو واقع على أديم البدن، وهذه هي الآلية الفسيولوجية. النوع الثاني: الحركات الناشئة من الغريزة. النوع الثالث: الحركات الإرادية الناشئة عن معرفة ونزوع، ومنها حركات العادات المكتسبة تدريجا في الإنسان والحيوان.
أفعال المعرفة والنزوع والنقلة معروفة بالوجدان، وهذه المعرفة أوثق اتصالا بموضوعها منها بالموضوعات الخارجية والداخلية؛ لأنها عبارة عن معرفة الوجدان لنفسه، فهي «علم حضوري»، أي: «حصول العلم بالشيء بدون حصول صورته في الذهن، كعلم زيد لنفسه».
2
والمعرفة الوجدانية إما أولية تلقائية أثناء حدوث الفعل، فإن الذي يعلم شيئا يعلم بالضرورة في نفس الوقت أنه يعلم؛ أو معرفة إرادية تفكيرية مروية بعد حدوث الفعل، وبهذا المعنى يطلق الوجدان كأنه جملة الأفعال أو محلها، وكأنه قوة مدركة للأفعال. ويقال: إنه في جريان متصل كماء النهر، يمضي من حال إلى حال ولا نستطيع وقفه ما دمنا في اليقظة، بل لا يخلو النوم من صور تؤلف الأحلام؛ وإن اتصال جريانه يبدو، ليس فقط فيما يجرف من معان وصور وأفعال، بل أيضا وبنوع خاص في «حالات متعدية»
états substantifs
من حد إلى آخر هي بمثابة «تيار الوجدان» أو روابط بين موضوعاته
états substantifs
كالعطف والجر والاستدراك بلكن أو بلو، وخفض الصوت أو رفعه بحيث تعبر جملة بعينها عن استفهام أو عن خبر، ونية قول شيء أو فعل فعل. ومن هنا فرق في المعرفة الوجدانية الأولية بين الإنسان والحيوان، فهي في الإنسان أدق وأوسع يمكن أن تصير مروية بأهون سبيل؛ وفي الحيوان هي قاصرة على شعور وقتي منحصر في حالة حاضرة، غير متحول إلى الروية لعدم قدرة الحيوان على الانعكاس على نفسه لتأمل الموضوع الباطن صراحة كموضوع معرفة، وهذه القدرة خاصة بالإنسان، وليست توجد الروية إلا فيه.
هل يفهم من هذا أننا نشعر بالنفس وبكل ما فيها؟ هكذا زعم ديكارت، فإنه لما عرف النفس بأنها جوهر مفكر ليس غير، لزمه أنها تشعر بجميع أحوالها منذ أن يخلقها الله في الجنين، ما دامت ماهيتها الفكر، والماهية ثابتة لا تتغير، ولو أن هذا الشعور قد يكون غامضا أحيانا، كما هو الحال في النوم، لكن ليس يوجد فكر غير مشعور به: بل زاد على ذلك أنها تعرف وجودها وماهيتها معرفة مباشرة، وأن معرفتها هذه أيسر عليها. وأوكد لديها من معرفتها لجسدها فضلا عن سائر الجسميات.
Page inconnue