قال الخطيب في تاريخه: النعمان بن ثابت، أبو حنيفة، التيمي، رأى أنس بن مالك، ﵁، وسمع عطاء بن أبي رباح، وأبا إسحاق السبيعي، ومُحارب بن دِثار، وحماد بن أبي سليمان، والهيثم بن حبيب الصراف، وقيس بن مسلم، ومحمد بن المنكدر، ونافعًا مولى عمر، وهشام بن عروة، ويزيد الفقير، وسماك بن حرب، وعلقمة بن مريد، وعطية العوفي، وعبد العزيز بن رفيع، وعبد الكريم أبا أمية، وغيرهم.
وروى عنه أبو يحيى الحماني، وهشيم بن بشير، وعباد بن العوام، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، وعلي بن عاصم، ويحيى بن نصر بن حاجب، وأبو يوسف القاضي، ومحمد بن الحسن الشيباني، وعمرو بن العنقزي، وهوذة بن خليفة، وأبو عبد الرحمن المُقري، وعبد الرزاق بن همام، في آخرين لا يحصون.
وقال في " الجواهر "، نقلًا عن " كتاب التعليم ": إنه روى عن أبي حنيفة، ونقل مذهبه، نحو من أربعة آلاف نفر.
وقال أبو إسحاق الشيرازي: كان في زمنه أربعة من الصحابة: أنس بن مالك، وعبد الله بن أبي أوفى، وسهل بن سعد، وأبو الطفيل، ولم يأخذ عن أحدٍ منهم.
وكان أبو حنيفة ممن تلقى عنه الحُفاظ، وعملوا بقوله في الجرح والتعديل، كتلقيهم عن الإمام أحمد، والبخاري، وابن معين، وابن المديني، وغيرهم من شيوخ الفن.
وعن يحيى الحماني، قال: سمعت أبا حنيفة، يقول: ما رأيت أكذب من جابر الجعفي، ولا أفضل من عطاء بن أبي رباح.
وعن عبد الحميد الحماني: سمعت أبا سعيد الصنعاني وقام إلى أبي حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة، ما تقول في الأخذ عن الثوري.
فقال: اكتب عنه، فإنه ثقة، ما خلا أحاديث أبي إسحاق عن الحريث، وحديث جابر الجعفي.
وقال أبو حنيفة: طلق بن حبيب كان يرى القدر.
وقال: زيد بن عياش ضعيف.
وعن سفيان بن عُيينة، قال: أول من أقعدني للحديث أبو حنيفة، قدمت الكوفة، فقال أبو حنيفة: إن هذا أعلم الناس بحديث عمرو بن دينار. فاجتمعوا عليَّ، فحدثتهم.
وقال أبو سليمان الجوزجاني: سمعت حماد بن زيد، يقول: ما عرفنا كُنية عمرو بن دينار إلا بأبي حنيفة، كنا في المسجد الحرام، وأبو حنيفة مع عمرو بن دينار، فقلنا له: يا أبا حنيفة، كلمه يحدثنا. فقال: يا أبا محمد، حدثهم.
وقال أبو حنيفة: لعن الله عمرو بن عبيد، فإنه فتح للناس بابًا إلى علم الكلام.
وقال: قاتل الله جهم بن صفوان، ومقاتل بن سليمان، هذا أفرط في النفي، وهذا أفرط في التشبيه.
وعن أبي يوسف، قال: أبو حنيفة: لا ينبغي للرجل أن يحدث من الحديث إلا بما حفظه من يوم سمعه إلى يوم يُحدث به.
قال صاحب " الجواهر ": ولكن أكثر الناس على خلاف هذا، ولهذا قلت رواية أبي حنيفة، لهذه العلة، لا لعلةٍ أخرى زعمها المتحملون عليه.
وسُئل يحيى بن معين، عن أبي حنيفة، فقال: هو ثقة، ما سمعت أحدًا ضعفه، هذا شعبه بن الحجاج يكتب إليه أن يحدث بأمره، وشعبة شعبة؟!!.
وقيل له: يا أبا زكريا، أبو حنيفة كان يصدق في الحديث؟.
فقال: نعم، صدوق.
وأثنى عليه ابن المديني.
وكان شعبة حسن الرأي فيه، وشعبة أو لمن تكلم في الرجال.
وقال ابن عبد البر: الذين رووا عن أبي حنيفة، ووثقوه، وأثنوا عليه، أكثر من الذين تكلموا فيه، والذين تكلموا فيه من أهل الحديث أكثر ما عابوا عليه الإغراق في الرأي والقياس.
قال: وكان يُقال: يُستدل على نباهة الرجل من الماضين بتباين الناس فيه. قالوا: ألا ترى إلى علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنه، أنه هلك فيه فتيا؛ مُحب أفرط، ومبغض أفرط.
وقد جاء الحديث: " أنه يهلك فيه رجلان محب مطر، ومبغض مُفتر ".
قال: وهذه صفة أهل النباهة، ومن بلغ في الفضل والدين والغاية.
فصل
في ذكر عبادته، وورعه، وثناء الناس عليه بذلك
عن يحيى بن معين، أنه قال: سمعت يحيى القطان، يقول: جالسنا، والله، أبا حنيفة، وسمعنا منه، وكنت والله إذا نظرت إليه عرفت في وجهه أنه يتقي الله ﷿.
وعن الحسن بن محمد الليثي أنه كان يقول: قدِمت الكوفة، فسألت عن أعبد أهلها، فدفعت إلى أبي حنيفة، ثم قدمتها وأنا شيخ، فسألت عن أفقه أهلها، فدفعت إلى أبي حنيفة.
وعن سويد بن سعيد، قال: سمعت سفيان بن عُيينة، يقول: ما قدم رجل مكة في وقتنا أكثر صلاة من أبي حنيفة.
1 / 31