الْمَلِكَ كَتَبَ إِلَى مَلِكِ مِنْ مُلُوكِ الرُّومِ قَدْ نَسِيتُ اسْمَهُ يَسْتَهْدِيهِ رَجُلًا مِنْ كِبَارِ حُكَمَائِهِ وَحُذَّاقِ أَطِبَّائِهِ، فَأَنْفَذَ إِلَيْهِ رَجُلًا اخْتَارَهُ مِنْ بُلْدَانِ مَمْلَكَتِهِ فَلَمَّا وَفَدَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْحَكِيمُ إِنَّمَا أَنْهَضْنَاكَ مِنْ أَرْضِكَ إِلَى أَرْضِنَا لِتَخَتْارَ لَنَا مِنْ بُلْدَانِ مَمْلَكَتِنَا بَلَدًا يَصِحُّ فِيهِ هَذِهِ الْأَرْكَانُ الْأَرْبَعَةُ الْكِبَارُ الَّتِي بِسَلَامَتِهَا يَطُولُ بَقَاءُ الْحَيَوَانِ، وَبِاعْتِدَالِهَا تَصْحَبُ أَجْسَامَ الْحَيَوَانِ الصِّحَّةُ وَتُفَارِقُهَا الْعِلَّةُ يَعْنِي الْأَرْضَ، وَالْمَاءَ، وَالْهَوَاءَ، وَالنَّارَ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ وَكَيْفَ لِي بِإِدْرَاكِ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: اسْتَقْرِئْ بُلْدَانَ مَمْلَكَتِنَا وَأَيَّ مَوْضِعٍ وَقَعَ اخْتِيَارُكَ عَلَيْهِ فَأَقِمْ بِهِ وَاكْتُبْ إِلَيَّ مِنْهُ لِأَتَقَدَّمَ فِي الزِّيَادَةِ فِي عِمَارَتِهِ وَأَتَحَوَّلُ إِلَيْهِ فَأَجْعَلُهُ دَارَ الْمَمْلَكَةِ فَانْتَدَبَ الرُّومِيَّ لَمَّا أَمَرَهُ وَطَافَ فِي بُلْدَانِ الْمَمْلَكَةِ فَوَقَعَ اخْتِيَارُهُ عَلَى أَصْبَهَانَ، فَأَقَامَ بِهَا وَكَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ فَيْرُوزَ أَنِّي جُلْتُ فِي مَمْلَكَتِكَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى بَلَدٍ لَا يَشُوبُ شَيْئًا مِنْ أَرْكَانِهِ فَسَادٌ وَقَدْ نَزَلْتُ أَنَا مِنْهُ فِيمَا بَيْنَ حِصْنَيْ قَرْيَةِ يَوَانَ فَإِنْ رَأَى الْمَلِكُ أَنْ يُقْطِعَنِي مَا بَيْنَ الْحِصْنَيْنِ مِنْ أَرْضِ يَوَانَ، وَيُطْلِقَ لِي بِأَنْ أَبْنِيَ فِيهَا كَنِيسَةً وَدَارًا، فَلَمَّا وَرَدَ كِتَابُهُ إِلَى فَيْرُوزَ أَطْلَقَ لَهُ مَا سَأَلَ، فَبَنَى بِإِزَاءِ الْحِصْنَيْنِ مِنْ أَرْضِ يَوَانَ دَارَهُ وَرَفَعَ رُقْعَتَهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ دَارُ النُّوشَجَانِ، وَإِسْحَاقَ مِنْ يَوَانَ إِلَى السَّاعَةِ وَبَنَى بِإِزَاءِ الْحِصْنِ الْآخَرِ الْبَيْعَةَ وَبَنَى بِالْحِصْنِ الْآخَرِ مَوْضِعَ رُقْعَةِ
1 / 165