درهما (١)] وأشرط لك أن أعطيك إياه أبدا حتى يفرق الموت بيننا. قال:
فلزمته، وكنت أخدمه في أموره مع ذلك، فنصحني في العلم؛ حتى استقللت، فجاءه كتاب بعض بني مارقة (٢)، يلتمسون معلّما نحويا لأولادهم. فقلت له: أسمني لهم، فأسماني، فخرجت فكنت أعلّمهم وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما، وأنفّله ما أقدر عليه فطلب منه عبيد الله بن سليمان مؤدّبا لابنه القاسم، فقال له: لا أعرف لك إلا رجلا زجّاجا عند بني فلان، فكتب إليهم عبيد الله، فاستنزلهم عنّي وأحضرت، وأسلم القاسم إليّ، وكنت أعطى المبرّد [الدرهم] (٣) كل يوم إلى أن مات، ولا أخليه من التفقّد، وكنت أقول للقاسم: إن بلغت مبلغ أبيك ووليت الوزارة ما تصنع بي؟ فيقول لي: ما أحببت، فأقول له: تعطيني عشرين ألف دينار- وكانت غاية أمنيتي- فما مضت إلا سنون حتى ولي القاسم الوزارة، وأنا على ملازمتي له، وصرت نديمه، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد، ثم هبته، فلما كان في اليوم الثالث من وزارته، قال لي: يا أبا إسحاق لم أرك أذكرتني بالنّذر! فقلت: عولت على رعاية الوزير أيّده الله، وأنه لا يحتاج إلى إذكار بنذر عليه في أمر خادم واجب الحق، فقال لي: إنه المعتضد ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك دفعة، ولكني أخاف أن يصير لي معه حديث؛ فاسمح بأخذه متفرّقا. فقلت: أفعل. فقال: اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار، واستجعل (٤) عليها، ولا تمتنع من مسألتي في شيء إلى أن يحصل لك القدر. قال: ففعلت ذلك، وكنت أعرض عليه كلّ يوم رقاعا فيوقّع لي فيها، وربما قال لي: كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا،
_________
(١) تكملة عن تاريخ بغداد.
(٢) كذا في الأصل، وهو يوافق ما في: معجم الأدباء، وفي تاريخ بغداد، وأنباه الرواة «بني مارمة».
(٣) تكملة عن: تاريخ بغداد.
(٤) استجعل: اطلب جعالة، وهي أجرة العمل.
1 / 10