حاتم: ثنا أبو بشر
بن أحمد بن حماد في طريق مصر، ثنا أبو بكر بن إدريس، سمعت الحميدي، يقول: كان أحمد بن حنبل قد أقام عندنا بمكة على سفيان بن عيينة، فقال لي ذات يوم، أو ذات ليلة: هاهنا رجل من قريش له بيان ومعرفه، فقلت له: فمن هو؟ قال: محمد بن إدريس الشافعي، وكان أحمد بن حنبل قد جالسه بالعراق، فلم يزل بي حتى اجترني إليه، وكان الشافعي، ﵁، قبالة الميزاب فجلسنا إليه ودارت مسائل، فلما قمنا قال لي أحمد بن حنبل: كيف رأيت؟ فجعلت أتتبع ما كان أخطأ فيه، وكان ذلك مني بالقرشية، يعني: معنى الحسد، وقال أحمد: فأنت لا ترضى أن يكون رجل من قريش تكون له هذه المعرفة، وهذا
البيان، أو نحو هذا من القول، تمر مائة مسألة يخطئ خمسا، أو عشرا، اترك ما أخطأ، وخذ ما أصاب، قال: فكأن كلامه وقع في قلبي فجالسته فغلبتهم عليه، فلم يزل يقدم مجلس الشافعي، ﵁، حتى كان لا يقرب مجلس سفيان، قال: وخرجت مع الشافعي إلى مصر، وكان هو شاركنا في العلو ونحن في الأوسط، فربما خرجت في بعض الليل فأرى المصباح، فأصيح: يا غلام، فيسمع صوتي، فيقول: بحقي عليك ارق، فأرقي، فإذا قرطاس ودواة، فأقول فيه: يا أبا عبد الله، فيقول: تفكرت في معنى حديث، أو مسألة، فخفت أن يذهب علي، فأمرت بالمصباح وكتبته.
قلت: صنف كتبه الجديدة كلها بمصر، في مدة نحو خمس سنين، ﵀، ورضي عنه.
وقال ابن أبي الدنيا: سمعت أبا سعيد أحمد بن عبد الله بن قنبل، قال: سمعت الشافعي، ﵁، يقول: قلت بيتين من الشعر:
1 / 40