(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(﴿رَبنَا أتمم لنا نورنا واغفر لنا، إِنَّك على كل شَيْء قدير﴾)
﴿رَبنَا آتنا من لَدُنْك رَحْمَة وهيئ لنا من أمرنَا رشدا﴾
الْحَمد لله أكمل الْحَمد، وَلَا إِلَه إِلَّا الله أهل الثَّنَاء وَالْمجد، وتبارك الله ذُو الْجلَال الْأَعْظَم وَالْفضل الأتم، وَسُبْحَان الله الَّذِي خلق الْخلق أخيافا مُخْتَلفين، وأصنافا متفاضلين، ثمَّ لَا فاضلين بعد الْأَنْبِيَاء أفضل من الْعلمَاء، فهم الأبهرون فضلا، والأطهرون خصلا، والأرفعون قدرا، والأسيرون ذكرا، والأجدرون بِأَن تُؤثر مآثرهم وتخلد تدوينا ونشرا.
وصلوات الله وَسَلَامه الأدومان على سيد المصطفين عَبده وَرَسُوله مُحَمَّد، وعَلى آله وَسَائِر النَّبِيين، وَآل كل وَسَائِر الصَّالِحين، مَا عَم الْعَالمين
1 / 73
بإحسانه، وَخص العارفين بعرفانه، آمين آمين آمين.
أما بعد:
فَإِن معرفَة الْإِنْسَان بأحوال الْعلمَاء رَفعه وزين، وَإِن جهل طلبة الْعلم وَأَهله بهم لوصمة وشين، وَلَقَد علمت الأيقاظ أَن الْعلم بذلك جم الْمصَالح والمراشد، وَأَن الْجَهْل بِهِ إِحْدَى جوالب المناقص والمفاسد، من حَيْثُ كَونهم حفظَة الدّين الَّذِي هُوَ أس السَّعَادَة الْبَاقِيَة، ونقلة الْعلم الَّذِي هُوَ المرقأة إِلَى الْمَرَاتِب الْعَالِيَة، فكمال أحدهم يكْسب مؤداه من
1 / 74
الْعلم كمالا، واختلالها يُورث خللا وخبالا، وَفِي الْمعرفَة لَهُم معرفَة من هُوَ أَحَق بالاقتداء، وَأَحْرَى بالاقتفاء، وَالْجَاهِل بهم من مقتبسة الْعلم مسو لإمحاله عِنْد اخْتلَافهمْ بَين الغث والسمين، غير مُمَيّز بَين الرث والوزين.
وَقد روينَا عَن مُسلم بن الْحجَّاج صَاحب " الصَّحِيح " ﵁ أَنه قَالَ: إِن أول مَا يجب على مبتغي الْعلم وطالبه أَن يعرف مَرَاتِب الْعلمَاء فِي الْعلم، ورجحان بَعضهم على بعض، وَلِأَن الْمعرفَة بالخواص آصرة وَنسب، وَهِي يَوْم الْقِيَامَة وصلَة إِلَى شفاعتهم وَسبب، وَلِأَن الْعَالم بِالنِّسْبَةِ إِلَى مقتبس علمه بِمَنْزِلَة الْوَالِد بل أفضل، فَإِذا كَانَ جَاهِلا بِهِ فَهُوَ كالجاهل بوالده بل أضلّ، ولعمري إِن من يسْأَل من الْفُقَهَاء عَن الْمُزنِيّ وَالْغَزالِيّ مثلا، فَلَا يَهْتَدِي إِلَى بعد مَا بَينهمَا من الزَّمَان والمنزلة؛ لمنسوب من الْقُصُور إِلَى مَا يسؤوه، وَمن النَّقْص إِلَى مَا يهيضه.
وَلَقَد قَامَ أهل الحَدِيث فِي رُوَاته بِحَق هَذَا الشَّأْن، فِيمَا أَدْعُوهُ
1 / 75
فِي كتبهمْ فِي التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح، وَفِيمَا دونوه فِي مؤلفاتهم الموسومة بالتواريخ. وَأما الْفُقَهَاء فَإِنَّهُم أضاعوه، فَضَاعَ مَا اختصوا بإدراكه من تفَاوت مَرَاتِب أئمتهم فِي التَّحْقِيق، وَاخْتِلَاف حظوظهم فِي الْعلم من التَّوْفِيق.
وَلم أزل مُنْذُ زمن الحداثة ذَا عناية بِهَذَا الشَّأْن، أتطلبه من مظانه وَغير مظانه، وأصيد أوابده، وأقيد شوارده، وأتتبعه مِمَّا صنفه أهل الحَدِيث فِي تواريخ أُمَّهَات الْأَمْصَار شرقا وغربا، الْمُشْتَملَة على التَّعْرِيف بخواص أهليها ووارديها، وَمن معاجم كَثِيرَة فِي أَسمَاء شيوخهم، وفهارس وتخاريج لَهُم قَليلَة، وَمن مؤلفات فِي ذكر الْفُقَهَاء، ألفها شرذمة قَليلَة من الْفُقَهَاء، وَهِي قَليلَة، قَليلَة الْمَضْمُون والمحصول، غير قَلِيل مَا فِيهَا مِمَّا لَا يَصح أَو لَا يوثق بِهِ من الْمَنْقُول، وَمِمَّا عنيت بِهِ من مصنفات الْفِقْه المبسوطة، وَمِمَّا لَا أحصيه من زَوَايَا وخبايا، وبقايا وخفايا.
ثمَّ استخرت الله ﵎ فِي تأليف ذَلِك وإبرازه لطالبيه، وَحفظه على مبتغي الْعلم وحافظيه، واستجرت بِهِ من حظوظ
1 / 76
الشَّيْطَان، واستعذته من الْخَطَأ والحرمان، واستعنته واستهديته، وَسَأَلته فِيهِ ثَوَابه الجسيم، وفضله الْعَظِيم، وتبرأت من الْحول وَالْقُوَّة إِلَّا بِهِ، وخصصت بِهَذَا الْكتاب عُلَمَاء الشافعيين وخاصتهم، لكَون حاجتنا وحاجة أهل أقطارنا إِلَى ذَلِك مِنْهُم أمس، وَكنت قد عزمت على أَن أذكر مَا تناهى إِلَيّ من ذَلِك بِإِسْنَاد بِإِسْنَادِهِ، وَمَا كَانَ بالوجادة فبالبلاغ عَمَّن وجدته عَنهُ، منصصا عَلَيْهِ وعَلى الْكتاب الَّذِي ذكره فِيهِ، نَاقِلا نَص أَلْفَاظه وَإِن طَالَتْ، وأجزاء بَعْضهَا أَو مَا هُوَ أوجز مِنْهَا، جَريا على عَادَة فِي ذَلِك، فَنَظَرت، فَإِذا الْكتاب يطول بِذكرِهِ طولا يقلله، وَإِن الْفُقَهَاء وَأكْثر الطوائف يزهدون فِي ذَلِك ويتبرمون بِهِ، فَأَعْرَضت عَن ذَلِك فِي أَكْثَره، مُقْتَصرا على أَن أَقُول فِيمَا أرويه بِإِسْنَاد: روينَا، وَفِي غَيره: بلغنَا، أَو وجدت، أَو ذكر كَذَا وَكَذَا، وَمَا ضاهى ذَلِك من وُجُوه الإيجاز، وجائزات الِاخْتِصَار، وَكنت عزمت على أَن أرتبه على الطَّبَقَات لَا على الْحُرُوف، وهم نَحْو إِحْدَى عشرَة أَو اثْنَتَيْ عشرَة طبقَة، من
1 / 77
حَيْثُ إِن ترتيبه على الْحُرُوف يلْزم مِنْهُ أَن يَقع الْمُتَأَخر والمتقدم فِي الزَّمَان أَو الْفضل مقرونين فِي قرن، وَأَن يَقع الْمَفْضُول أَو الآخر قبل الْفَاضِل والاول، ثمَّ نظرت فَإِذا ذَلِك هَين فِي جنب مَا يحصل بترتيبه على الْحُرُوف من التَّيْسِير على أَكثر النَّاس، إِذْ الْغَالِب أَن أحدهم إِذا طلب الْوُقُوف على تَرْجَمَة وَاحِد مِنْهُم وَقد عرف اسْمه؛ لم يدر من أَي طبقَة هُوَ حَتَّى يَطْلُبهُ فِي المسمين باسمه.
إِلَى هُنَا انْتهى مَا ذكره الشَّيْخ من الْخطْبَة، وَانْقطع كَلَامه هُنَا وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا، وَأَنا أذكر تَمامهَا للضَّرُورَة إِلَى مَعْرفَته، لأجل بَيَان شَرط الْكتاب، وَكَيْفِيَّة ترتيبه.
فترتيبه أَن نرتبه على حُرُوف المعجم، أَولهَا: بَاب الْألف، ثمَّ الْبَاء، ثمَّ التَّاء، ثمَّ الثَّاء، ثمَّ الْجِيم ... إِلَى آخرهَا، على اصْطِلَاح أهل بِلَادنَا وَأكْثر النَّاس فِي ترتيبها، ونراعي التَّرْتِيب فِي آبَائِهِم وأجدادهم وآباء أجدادهم، فنقدم زيد بن إِبْرَاهِيم على زيد بن إِسْحَاق، لتقدم الْبَاء على السِّين، ونقدم زيد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق على زيد بن إِبْرَاهِيم بن إِسْرَائِيل، لتقدم الْحَاء على الرَّاء، وَكَذَلِكَ نَفْعل فِي الْبَاقِي على هَذَا النَّحْو، وَكَذَلِكَ نقدم من كَانَ فِي
1 / 78
أول اسْمه، أَو اسْم أَبِيه، أَو جده أَبِيه، همزتان على من كَانَ قبالته همزَة وَاحِدَة، ك: آدم يقدم على إِبْرَاهِيم، وَيقدم زيد بن آدم على زيد بن أدرع، وَكَذَلِكَ الْبَاقِي على هَذَا الْمِثَال، إِلَّا أَنا نقدم فِي أول الْكتاب من اسْمه مُحَمَّد، ثمَّ من اسْمه أَحْمد، تَشْرِيفًا لَهُم لموافقتهم اسْم رَسُول الله ﷺ، ونراعي فِي أَسمَاء آبَائِهِم وأجدادهم الشَّرْط الْمَذْكُور أَولا، ثمَّ نعود بعد المحمدين والأحمدين إِلَى التَّرْتِيب الْمَذْكُور أَولا.
1 / 79
(١ - مُحَمَّد بن أَحْمد [٠٠٠ - ٥٢٥])
ابْن أبي الْفضل: أَحْمد بن حَفْص، أَبُو الْفضل الماهياني.
من أهل مرو، وماهيان: من قراها.
ذكر أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ أَنه كَانَ إِمَامًا، فَاضلا، ورعا، حسن السِّيرَة، جميل الْأَخْلَاق، مليح المحاورة، كثير الْمَحْفُوظ، تَامّ الْمعرفَة بالفقه.
سَافر الْكثير، وتغرب مُدَّة، أَقَامَ بنيسابور عِنْد أبي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ، وتفقه عَلَيْهِ بعد أَن كَانَ قد تفقه على أبي الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد التَّمِيمِي الإِمَام، ثمَّ سَافر إِلَى بَغْدَاد، أَقَامَ بهَا مُدَّة عِنْد أبي سعد الْمُتَوَلِي ودرس
1 / 80
الْفِقْه عَلَيْهِ حَتَّى برع فِيهِ.
وَسمع الحَدِيث بِبَغْدَاد من أبي نصر الزَّيْنَبِي، وبنيسابور من: أبي صَالح الْمُؤَذّن الْحَافِظ، وَالْإِمَام أبي الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ، وَأبي بكر مُحَمَّد بن الْقَاسِم الصفار، وَأبي الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن زَاهِر النوقاني، وَأبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد الواحدي الْمُفَسّر، وبمرو: أَبَا الْفضل مُحَمَّد بن أَحْمد التَّمِيمِي وَغَيره، وببسطام: أَبَا الْفضل مُحَمَّد بن عَليّ السهلكي، وبساوة: أَبَا عبد الله الكامخي الساوي، وبمدينة الرَّسُول ﷺ: أستاذه أَبَا سعد عبد الرَّحْمَن بن الْمَأْمُون الْمُتَوَلِي، وَغير هَؤُلَاءِ من الشُّيُوخ، وَصَحب الْأَئِمَّة الْكِبَار.
وروى الشَّيْخ بِإِسْنَادِهِ عَنهُ، بِإِسْنَادِهِ عَن ذِي النُّون ﵁
1 / 81
قَالَ: الحسود لَا يسود.
ذكر السَّمْعَانِيّ أَنه سَأَلَ ابْن أبي الْفضل هَذَا عَن وَفَاة وَالِده، فَقَالَ: آخر رَجَب، سنة خمس وَعشْرين وَخمْس مئة، وَقد ناطح التسعين، وَدفن بماهيان رَحمَه الله تَعَالَى.
1 / 82
(٢ - مُحَمَّد بن أَحْمد [٢٨٢ - ٣٧٠])
ابْن الْأَزْهَر، أَبُو مَنْصُور الْأَزْهَرِي الْهَرَوِيّ.
الإِمَام الْكَبِير فِي علم اللُّغَة، وَكتابه الموسوم ب: " تَهْذِيب اللُّغَة " يدل على جلالة قدره، وَهُوَ خير عُمْدَة فِي هَذَا الْفَنّ، وَقد رَأَيْته فِي مرو بِخَطِّهِ، فِي نَحْو عشْرين مجلدا كبارًا، وَله كتاب " التَّقْرِيب " فِي التَّفْسِير، وَكتاب
1 / 83
مَشْهُور فِي " شرح مُشكل أَلْفَاظ مُخْتَصر الْمُزنِيّ "، وَكتاب صَغِير فِي " معرفَة الصُّبْح "، يرويهِ بِإِسْنَاد، وَغير ذَلِك.
سمع الحَدِيث، وَرَوَاهُ عَن الْبَغَوِيّ، وَابْن أبي دَاوُد، وَغَيرهمَا. وروى عَنهُ: الإِمَام أَبُو مُحَمَّد الْمُقْرِئ القراب، وَأَخُوهُ الْحَافِظ إِسْحَاق، وَغَيرهمَا.
وَعنهُ أَخذ أَبُو عبيد، صَاحب كتاب " الغريبين "، وَكَانَ يُرَاجِعهُ فِيمَا يشكل عَلَيْهِ مِنْهُ.
توفّي سنة سبعين وَثَلَاث مئة.
وَكَانَ من الذابين عَن الشَّافِعِي ومذهبه، وَهُوَ الَّذِي يَقُول فِي صدر كِتَابه: لم أجد غير هَذَا.
1 / 84
(٣ - مُحَمَّد بن أَحْمد [٤٢٩ - ٥٠٧])
ابْن الْحُسَيْن، أَبُو بكر الشَّاشِي.
صَاحب الشَّيْخ أبي إِسْحَاق، وَالشَّيْخ أبي نصر ابْن الصّباغ.
يلقب: فَخر الْإِسْلَام.
قيل: كَانَ معيد الشَّيْخ أبي إِسْحَاق.
قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن ابْن الْخلّ: كَانَ الإِمَام فَخر الْإِسْلَام أَبُو بكر الشَّاشِي مبرزا فِي علم الشَّرْع، عَارِفًا بِالْمذهبِ، حسن الْفتيا، جيد النّظر،
1 / 85
محققا مَعَ الْخُصُوم، يلْزم الْمسَائِل الحكميه، حَتَّى يقطع خَصمه مَعَ حسن إِيرَاد، وَكَانَ يعْنى بسؤال الْكَبِير، ويمشيه مَعَ الْكِبَار من الْأَئِمَّة، ويفتي بِمَسْأَلَة ابْن سُرَيج وينصرها، وَله فِيهَا مُصَنف.
درس فِي بدايته على الإِمَام أبي عبد الله الكازروني، وَجَاء بَغْدَاد، وَهُوَ فَقِيه حسن، ثمَّ صحب الإِمَام الزَّاهِد أَبَا إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ إِلَى حِين وَفَاته، وَصَحبه فِي سَفَره إِلَى خُرَاسَان.
1 / 86
وَقَرَأَ كتاب " الشَّامِل " للشَّيْخ أبي نصر ابْن الصّباغ عَلَيْهِ، وَولي التدريس بِالْمَدْرَسَةِ النظامية بِبَغْدَاد دون سنة وَنصف.
وَكَانَ لطيفا، صَالحا، ورعا، دينا، على سيرة السّلف، وَخلف وَلدين إمامين مبرزين فِي الْمَذْهَب وَالنَّظَر: أَبُو المظفر أَحْمد، وَأَبُو مُحَمَّد عبد الله.
وَسمع الإِمَام أَبُو بكر الشَّاشِي الحَدِيث من أبي عبد الله بن بَيَان الكازروني بميافارقين، وَأبي الْقَاسِم قَاسم بن أَحْمد الْخياط بآمد، وَهياج بن مُحَمَّد الحطيني بِمَكَّة، وَالشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَأبي بكر الْخَطِيب، وَأبي يعلى ابْن الْفراء بِبَغْدَاد، وَغَيرهم.
وَحدث بِشَيْء يسير، وَأخذ عَنهُ عباد بن سرحان - من فضلاء الْمغرب - كتاب " الملخص فِي الجدل "، وَغَيره، عَن الشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، وَكتاب " زواهر الدُّرَر فِي نقض جَوَاهِر النّظر " حَدثهُ بِهِ عَن مُصَنفه الإِمَام أبي بكر الخجندي.
1 / 87
وَمن تآليفه: كتاب " الشافي فِي شرح الشَّامِل فِي عشْرين مجلدا، وَكَانَ قد بَقِي من إكماله نَحْو الْخمس، هَذَا فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَأَرْبع مئة، وَمن تصانيفه: كتاب " التَّرْغِيب فِي الْمَذْهَب "، وَله: " الشافي فِي شرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ ".
وتفقه عَلَيْهِ القَاضِي أَبُو الْعَبَّاس ابْن الرطبي.
أنْشد أَبُو سعد السَّمْعَانِيّ، عَن أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد الْفَقِيه قَالَ: أنشدنا أَبُو بكر الشَّاشِي فِي الِاعْتِذَار عَن الإقلال من الزِّيَارَة:
(إِنِّي وَإِن بَعدت دَاري لمقترب ... مِنْكُم بمحض مُوالَاة وإخلاص)
(وَرب دَان وَإِن دَامَت مودته ... أدنى إِلَى الْقلب مِنْهُ النازح القاصي)
توفّي ﵀ يَوْم السبت، الْخَامِس وَالْعِشْرين من شَوَّال، سنة سبع وَخمْس مئة، وَدفن مَعَ شَيْخه أبي إِسْحَاق فِي قبر وَاحِد بِبَاب أبرز، رحمهمَا الله تَعَالَى.
1 / 88
قلت: وَمن تصانيفه " المستظهري " الْكتاب الْمَشْهُور فِي الْمَذْهَب، و" الْمُعْتَمد " وَهُوَ كالشرح ل " المستظهري "، وَهُوَ غَرِيب، و" الْعُمْدَة "
1 / 89
الْمُخْتَصر الْمَشْهُور.
وَذكره الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر، فَقَالَ: انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة لأَصْحَاب الشَّافِعِي بِبَغْدَاد.
1 / 90
(٤ - مُحَمَّد بن أَحْمد [٠٠٠ - ٤٦٨])
ابْن الْعَبَّاس، القَاضِي أَبُو بكر الْبَيْضَاوِيّ الْفَارِسِي، يعرف بالشافعي.
جليل، من الْعلمَاء بالفقه وَالْأَدب، مُصَنف فيهمَا.
لَهُ كتاب " الْأَدِلَّة فِي تَعْلِيل مسَائِل التَّبْصِرَة " ذكر فِيهِ:
أَن الْحَائِض لَو قَالَت: أَنا أتبرع بِقَضَاء مَا فَاتَ من الصَّلَوَات فِي أَيَّام الْحيض؛ قُلْنَا: لَا يجوز ذَلِك، بل تصلين مَا أَحْبَبْت من النَّوَافِل، فَأَما قَضَاء ذَلِك فَلَا.
1 / 91
وَاحْتج بِأَن امْرَأَة ذكرت مثل ذَلِك لعَائِشَة، ﵂ فنهتها، وَقَالَت: أحرورية أَنْت؟ !
وَله كتاب " الْإِرْشَاد " فِي شرح " الْكِفَايَة " للْقَاضِي أبي الْقَاسِم الصَّيْمَرِيّ، وَمِمَّا يفاد مِنْهُ أَنه حكى وَجْهَيْن فِي جَرَيَان الرِّبَا فِي الماورد، وَكَذَا فِي الصمغ الْعَرَبِيّ.
وَحكى عَن الشَّافِعِي قولا فِيمَا إِذا حضر السُّلْطَان دَار رجل أَن رب الدَّار أولى بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ، وَذكر أَنه الْأَصَح.
وَذكر أَنه يَنْبَغِي للخطيب إِذا أَرَادَ صعُود الْمِنْبَر أَن يصعد على الرِّفْق
1 / 92