وارتجفت الأرض مرة، وكثيرا ما تهتز الأرض في الفلبين، ويؤكد علماء الجيولوجيا أنها معرضة للزلزال؛ فاغتنم السجانون هذه الفرصة، ووشوا بالمساجين أنهم جماعة شغب وقلاقل، وأنهم هم الذين يزلزلون الأرض.
والسجانون مثل سواهم من الناس هم خريجو مدرسة أيضا، ولكن هذه المدرسة تبشر بهدف واحد هو الوصول إلى مراكز النفوذ، ولا بأس أن تسلك إليها أسباب الوشاية والرشوة والكذب على حساب النفوس البشرية؛ فاتخذت الإجراءات الزجرية بحق المساجين.
أنت يا سيدي القارئ، تجد في هذا السجن مدرستين: واحدة تنشر النور في ظلمة الحبس، وثانية تنشر الظلمة خارج الحبس، أناس ينامون على مضجع الخوف والأسلحة في أيديهم، ومضطهدون يضطجعون على فراش الطمأنينة والحراب مصوبة إليهم، في السجن مدرسة إيمان ومدرسة سلطان، وإذا كانت المدارس تشكر أو ترذل بسبب تلامذتها أو خريجيها فلك أن تختار بين اثنتين، ولك أن تخبرني من هو السجين ومن هو السجان.
ولا تنس يا سيدي القارئ، أننا لا نتحدث عن القوميين الاجتماعيين، ولا عن سجن القلعة ولا عن بيروت، هذا أمر مهم يجب أن تذكره أنت، وأن تذكره النيابة العامة - لو فرضنا أنه مثلا.
برسم الأجانب
كثيرا ما تلتقي بأجنبي ما، فيسحب من تحت إبطه عبارات، تلفها حلاوة الفصاحة، مغلفة بأوراق ملونة من جمال المنطق؛ فيبادرك بقوله: «ماذا نستطيع أن نفعل من أجلكم؟ ليس من حقنا التدخل بشئونكم، معضلاتكم الداخلية هي آلام في رءوسكم لا رءوسنا، ثم إنه علينا أن نتعامل مع الحكومات والسلطات الشرعية فاسدة كانت أو صالحة.»
ليفهم الفرنجة أن المواطن، الذي يحترم نفسه، ويفهم استقلاله لا يهرع مستنجدا بالغريب. نحن لا نطلب تدخل الأجنبي، بل نحتقر من يطلب تدخله، وإننا ليخجلنا أن نسمع أن المفوضيات الأجنبية تعنى بشئوننا الداخلية أو الخارجية، ولولا خنوع أرباب السلطة وتهرؤ ضمائرهم، وتلاشي قواهم الشعبية؛ لما أذنوا للأجنبي أن يبحث معهم الموقف الداخلي أو الخارجي. كذلك لا تمثل هذا الشعب فئة وسمها طابع العبودية، يشوقها أن تتمرغ على أعتاب الأغراب، مستجدية حمايته وأشوته وإحسانه.
نحن نقول للأجنبي: «ليس من حقك، ولن نرضى لأنفسنا أن تساهم أنت في حملة التطهير، التي ما فتئ شعبنا يتطلبها، ولكن من واجبك أن تطهر صفوفك، قبل أن تذم اللصوص من أبناء قومنا، فتش على اللصوص من أبناء قومك، وقبل أن تشمخ علينا، وتهزأ بمؤسساتنا وأنظمتنا، تطلع إلى مؤسساتك هنا كيف تنهب هذا الشعب، وكيف يحالف أشرارها أشرارنا؟ ثم دلني على بادرة صداقة واحدة قامت بها الدول الغربية نحو دولنا منذ جريمة فلسطين حتى هذا اليوم.
إن الغربيين الذين يهمهم جدا أن تستقر هذه البقعة من الدنيا، وتصبح شعوبها حليفتهم؛ يجب أن يفهموا أن التهويل علينا بأخطار الشيوعية لا يكفي لكسب رضانا، ولسنا نحن من الذين يعتقدون أن المعسكر الغربي غير مساهم في إفساد الحكومات في أقطارنا.
إن إنكلترا في سياستها الخارجية منذ الحرب الأخيرة لم تكن أشد نجاحا منها يوم عكست تفكيرها التقليدي، وخرجت من الهند، ولم تكن بأشد فشلا منها يوم استمرت بسياستها التقليدية في إيران، متبعة سياستها القديمة.
Page inconnue