Réflexions sur la religion et la vie
تأملات في الدين والحياة
Genres
وهناك بين منازل أهل الكتاب وقف ابن القرآن يرتل آياته، ويترك أصداءها تسرى مع الريح، لتداعب مضارب الخيام، وتحرك نفوس الأعراب، وتترك أفئدة اليهود مليئة بالدهش لهذا الذى قرع عليهم أبواب مدينتهم بأنباء الوحى الجديد.
وبدأ مصعب بن عمير يؤدى رسالة الإسلام، ويمهد الطريق للقائد العظيم الذى لم يكن أحد يعلم أنه سيأتى بعد حين. وكأن مصعبا بعمله هذا يفتتح الدعوة إلى
ص _203
الإسلام، فى غير أوطان الإسلام، ويعلم الدعاة كيف تكون الجرأة والمغامرة والثقة بالنفس والتوكل على الله.
* * *
* مناقشات:
جاء أسيد بن حضير- وهو مشرك- فوجد مصعبا فى أحد مجالسه يدعو الناس إلى الله، فغاظه ذلك المنظر، وقال لمصعب فى غلظة: ما جاء بك ههنا؟ ألتسفه الضعفاء وتفتن النساء؟ اعتزل عنا ولا أرينك.
فابتسم مصعب وقال فى كياسة: بل تجلس إلينا فتسمع ما نقول، فإن رضيت بالأمر قبلته، وإن كرهته كففت عنك ما تكره، فحار أسيد فى الجواب، ونظر إلى ما يصبغ وجه مصعب من يقين ورجاء، ثم لم يستطع إلا أن يقول: لقد أنصفت، هات ما عندك.
وتكلم مصعب وقرأ وفاض إيمانه بيانا دافقا يشرح ويحاج ويصل إلى مواضع الإقناع من السامعين، فلما انتهى من حديثه، قال أسيد فى عجب ودهشة: ما أعظم هذا وأجله، وترك الداعية وذهب إلى حال سبيله وفى نفسه حوافز تكاد تحيله شخصا آخر. نعم فقد وقع الإسلام بمكان من قلبه.
Page 205