بعمل إلهة الحصاد؟ وماذا عن كل نجم من النجوم؟ أليست هذه مختلفة متمايزة ولكن تعمل سويا لنفس الغاية؟ (6-44) إذا كانت الآلهة قد فكرت في شأني وفي شأن الأمور التي يجب أن تحدث لي فإن قضاءها الخير؛ فليس من اليسير أن نتصور، مجرد تصور، إلها بلا فكر. ثم ماذا يدعو الآلهة إلى أن تريد بي الأذى؟ أية جدوى تعود من ذلك عليها أو على الخير العام الذي هو الغاية الرئيسة للعناية؟ وحتى إذا لم أكن قد خطرت بفكرها كفرد فمن المؤكد أنها قد فكرت في خير «الكل» على أقل تقدير. وما دام الذي يصيبني إنما هو نتاج لهذا الخير العام فإن علي أن أقبله وأرحب به .
أما إذا كانت الآلهة لا تفكر في أي شيء ولا يعنيها أمر أحد - وهو اعتقاد باطل وضلال - لكان لنا أن نكف عن تقديم الضحايا، ورفع الدعاء والصلوات، والقسم بالآلهة، وكل الشعائر التي تقوم على افتراض أن الآلهة حاضرة معنا ومشاركة في حياتنا. فإذا لم تكن تعنيها شئوننا فإن لي أن أعنى بشأني؛ وشأني ما هو خير. وما هو خير لكل فرد هو ما يلائم حالته وطبيعته. وطبيعتي هي طبيعة عقلية واجتماعية معا.
فبصفتي أنطونينوس فإن مدينتي هي روما، وبصفتي إنسانا فمدينتي هي الكون.
18
لذا فإن ما هو خير لهاتين المدينتين هو وحده الخير بالنسبة لي. (6-45) كل ما يحدث للفرد هو لمنفعة «الكل». إلى هنا كل شيء واضح، ولكن إذا أمعنت النظر فسوف ترى أيضا، كقاعدة عامة، أن ما ينفع شخصا ينفع الآخرين أيضا. على أن «المنفعة» هنا يجب أن تؤخذ بمعناها الدارج إذ تقال عن أشياء لا فارقة - لا هي خير ولا هي شر. (6-46) مثلما يحدث لك في المدرج
amphitheater
وما شابه ذلك من الأمكنة؛ حيث ثبات المنظر ورتابة المشهد يبعثان على الضجر، كذلك الحال في خبرتك بالحياة ككل؛ كل شيء، هنا وهناك، هو نفس الشيء، وبنفس الأسباب. فإلى متى؟! (6-47) تأمل مليا في كل ضروب البشر، ومختلف المهن، وشتى أمم الأرض التي بادت؛ ثم اهبط إلى فيليستيون وفويبوس وأرويجانيون،
19
وعرج الآن على الفئات الأخرى من الناس. نحن أيضا مقدر علينا أن نغير مقامنا إلى ذلك العالم الآخر؛ حيث هناك الكثير الكثير من الخطباء المفوهين والفلاسفة الأعلام - هيراقليطس، فيثاغوراس (ميثاجوراس)، سقراط - وأبطال من الأزمنة القديمة وقادة من بعدهم وملوك. أضف أيضا يودوكسوس،
20
Page inconnue