alterum non laedere (وتشمل عدم المساس بحرية الغير وسمعته وحياته).
إعطاء كل ذي حق حقه
suum cuique tribuere (وتشمل احترام الملكية).
تلك هي قواعد التشريع الروماني، التشريع الذي وضعه كبار المشرعين الرومان في القرن الثاني الميلادي، وكلهم رواقيون أو متأثرون بالرواقية. يقول إرنست رينان: «إن المبدأ الذي يذهب إلى أن على الدولة إزاء أفرادها واجبات كواجبات الآباء قبل الأبناء هو مبدأ أعلن لأول مرة على رءوس الأشهاد في عهد الإمبراطور والفيلسوف الرواقي ماركوس أوريليوس.»
29
سينيكا
ولد سينيكا
Seneca
بقرطبة حوالي العالم الثالث قبل الميلاد، لأسرة إسبانية أرستقراطية مثقفة. وانتقل إلى روما وهو صبي يافع، ودرس الفلسفة، ثم اشتغل بالمحاماة والخطابة ونجح فيهما نجاحا باهرا، ومارس العمل السياسي حتى صار مستشارا للإمبراطور نيرون والذي كان قد أشرف على تربيته منذ صباه. وفي عهد كلاوديوس نفي إلى كورسيكا بناء على طلب ميسالينا زوجة كلاوديوس. ويبدو أن سينيكا، وكان آنذاك عضو مجلس شيوخ، كان كثير الانتقاد لسلوك الإمبراطورة المثير للشبهات. وبقي في منفاه ثمانية أعوام ثم عاد إلى روما بعد مقتل ميسالينا لكي يتولى تربية نيرون، وريث العرش الإمبراطوري الذي أنجبه كلاوديوس من زوجته الثانية أجريبينا. وحين تولى نيرون وأمعن في الطغيان والبطش والدموية فشل سينيكا، مربيه ومستشاره، في رده إلى الاعتدال والقصد، واتهمه نيرون بالتآمر ضده، وأوعز إليه أن ينتحر، على الطريقة السائدة آنذاك، بقطع شرايينه. وقد أخذ سينيكا يلقي خطبة من أبلغ خطبه على جمع من رفاقه والدم يسيل من جراحه. وقد مات ميتة رواقية متفقة مع فلسفته، على الرغم من أن حياته لم تكن في عمومها متسمة بالطابع الرواقي؛ فقد جمع ثروة طائلة اكتسب معظمها من إقراض البريطانيين بأرباح ضخمة، وكان أرستقراطي المزاج يحتقر الجماهير ويؤثر أن يتحدث إلى مستمع واحد، وكثير من آرائه نعرفها من خلال رسائله التي بعث بها إلى تلميذه «لوكيليوس» ومن أعماله النثرية الأخرى إلى جانب مسرحياته.
30
Page inconnue