Interprétation des Hadiths Divers
تأويل مختلف الحديث
Maison d'édition
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
Numéro d'édition
الطبعة الثانية
Année de publication
1419 AH
Genres
Science du hadith
وَلَكِنَّ مُوسَى ﵇، عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى، يَرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَسَأَلَ اللَّهَ ﷿ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، مَا أَجَّلَهُ لِأَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فَقَالَ لَهُ: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ يَعْنِي فِي الدُّنْيَا، ﴿وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾ .
أَعْلَمَهُ أَنَّ الْجَبَلَ لَا يَقُومُ لِتَجَلِّيهِ حَتَّى يَصِيرَ دَكًّا، وَإِنَّ الْجِبَالَ إِذَا ضَعُفَتْ عَنِ احْتِمَالٍ ذَلِكَ، فَابْنُ آدَمَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ أَضْعَفَ؛ إِلَى أَنْ يُعْطِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا يَقْوَى بِهِ عَلَى النَّظَرِ، وَيَكْشِفَ عَنْ بَصَرِهِ الْغِطَاءَ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا.
وَالتَّجَلِّي: هُوَ الظُّهُورُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: "جَلَوْتُ الْعَرُوس" إِذا أبرزتها و"جلوت الْمِرْآةَ وَالسَّيْفَ" إِذَا أَظْهَرْتُهُمَا مِنَ الصَّدَأِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّ الرُّؤْيَةَ فِي قَوْلِهِ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: "ألم تَرَ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" يُرِيدُ: "أَلَمْ تَعْلَمْ" فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ، لِأَنَّا نَعْلَمُهُ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا؛ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَفِي الدُّنْيَا وَاحِدًا.
وَقَرَأْتُ فِي الْإِنْجِيلِ أَنَّ الْمَسِيحَ ﵇ حِينَ فَتَحَ فَاهُ بِالْوَحْيِ قَالَ: "طُوبَى لِلَّذِينِ يَرْحَمُونَ، فَعَلَيْهِمْ تَكُونُ الرَّحْمَةُ، طُوبَى لِلْمُخْلِصَةِ قُلُوبُهُمْ، فَإِنَّهُمُ الَّذِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ ﵎"، وَاللَّهُ ﵎ يَقُولُ: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ ١.
وَيَقُولُ فِي قَوْمٍ سَخِطَ عَلَيْهِمْ: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ، ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ﴾ ٢.
١ الْآيَة ٢٢ من سُورَة الْقِيَامَة.
٢ الْآيَة ١٥ من سُورَة المطففين.
1 / 300